الإعلان الخاص
يؤمن اللاهوت المسيحي أن الله أعلن عن نفسه للجنس البشري بطريقة عامة من خلال الخليقة( بصورة شخصية) تؤكدها كلمات و أعمال الله في الكتاب المقدس و بصفة خاصة في شخص المسيح. يحدد ميلر ايركسون الإعلانين بالطريقة الآتية: ” من جانب يعتبر الإعلان العام إعلان الله عن نفسه لكل إنسان في كل العصور وفي كل مكان.ويعتبر
الإعلان الخاص من الجانب الأخر متضمنا ظهورات الله الخاصة التي يمكن الحصول عليها من الكتاب المقدس .
و قد رأت الكنيسة في تاريخها الطويل الإعلان العام بواسطة العديد من اللاهوتيين المسيحيين، كضرورة، لكنها وسيلة غير كافية لتقديم المعلومات عن الخالق و خليقته في العقيدة والفلسفة. والأفضل هي أن نبدأ بإله الكتاب المقدس لشرح الكون أكثر من أن نبدأ بالكون لشرح الله.
بحسب وجهة النظر المسيحية يتضمن خلق الجنس البشري الأمرين: الخلاص
و الدينونة. وليس هذا إعلانا عاما بل هو إعلان خاص ( الكتاب المقدس الذي يجيب علي هذه الأسئلة مثل: كيف يمكن أن يخلص الجنس البشري؟ مما يجب أن يخلص الجنس البشري؟ لماذا ستأتي الدينونة؟ الإعلان الخاص إذا هو “خاص” لأنه المفتاح الذي يفتح الباب إلي السماء و الأرض.
أحد المعتقدات الأساسية في الإيمان المسيحي هو وحي الكتاب المقدس. عندما يقبل الشخص المكتوب علي أنه كلمة الله ، تصبح تعاليم وأحداث الكتاب المقدس هي الأساس الأعظم أهمية لفهم الحق كله. وبدون الإيمان بأن الكتاب هو كلمة الله ، يظل الجنس البشري يتخبط، مجبرا علي قبول أفكاره الخاصة ( الغير معلنة) كالمعيار المطلق في تفسير الحق. لا يستطيع الشخص الذي ينكر وحي الله للكتاب المقدس أن يعلن نفسه أنه مسيحي كتابي لسبب بسيط هو أن الكتاب يعلن عن نفسه أنه نفس الله ( 2تي 3: 16، 17) إذا كان الشخص يؤمن أن الكتاب المقدس وثيقة مطابقة و صادقة ، لا بد أنه موحى به من الله.
الدليل علي الاعتقاد المسيحي بوحى الكتاب الإلهى قوي : وحدة التعليم في الكتاب المقدس مدهشة في ضوء الحقيقة أن أسفار الكتاب المقدس العظيم تغير حياة الأفراد (إلي الأفضل) الذين يقبلون سلطانه فيقوي إعلانه الخاص أنه من الله و يدعم هذا الحق الأخلاقي المتضمن في الكتاب علي أنه موحى به من الله.
تؤيد كل هذه الأمور الاعتقاد بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله: وأعظم شهادة تقنعنا بالوحي الإلهي هي الكتاب المقدس نفسه. وأولئك الذين يترددون في قبول المكتوب كإعلان الله الخاص هم غالبا مقتنعون بدارسة الكتاب المقدس بفكر مفتوح.
في دراسة الكتاب المقدس يتقابل القارئ مع الإعلان الإلهي الخاص المباشر: شخص يسوع المسيح. و يكتب كارل. ف. هنري ” في يسوع الناصري يلتقي و يتزامن المصدر الإلهي للإعلان مع المضمون الإلهي له.”4 و تزودنا تعاليم و أعمال المسيح المعلنة في الكتاب المقدس، بحجر الزاوية للإعلان الخاص و الأساس الراسخ للاهوت المسيحي.
نظرة مختصرة علي أوغسطنيوس 354-430 __________________________________ 373 – دخل الديانة المانية الفارسية 383 – سافر إلي روما لتدريس البلاغة 391 – التجديد المسيحي بعد قراءة رومية 13: 13 396 – صار أسقفا 400 – كتب أعظم كتاب له تأثيره ” اعترافاتى” 420- انتهي من كتابه” مدينة الله” |
يكمن الغرض من الإعلان الإلهي في أنه يقدم للمسيحي معني تعاليم وأعمال المسيح. يقوم الأقنوم الثالث من اللاهوت – الروح القدس – بالدور الهام في هذا العمل. يشرح هنري هذا بقوله: ” أعطانا الله المكتوب نفسه حتى يمكنه أن يحفر كلمته في قلوبنا نحن تابعيه في عملية تقديس مستمرة حتى يصير المؤمن في النهاية مشابها صورة يسوع المسيح، كلمة الله المتجسد”5 هذا هو السبب الرئيسي الذي من أجله اختار الله أن يعلن نفسه ويعلن خطته للجنس البشري في الكتاب المقدس.
لهذا السبب يجب أن يكون اعتماد الشخص المسيحي علي الكتاب المقدس راسخا
و متجددا باستمرار- بالأفضل للمؤمن الذي لا يقرأ الكتاب المقدس مرة ويضعه جانبا، أن يقوم بدراسة كلمة الله و أن يعمل دائما علي تطبيق تعاليمه علي نفسه، وأن يقضي حياته في البحث عن فهم رسالة الكتاب المقدس القوية.
التصميم و الإعلان العام
الإعلان الخاص ، هو ترس المسيحية و يعمل الإعلان العام لتشجيع الإنسان للتعرف علي الحقائق المطلقة و المتضمنة في المكتوب و المتجسدة في يسوع المسيح.
و بالرغم من أن إعلان الله في الطبيعة برهان غير كاف في حد ذاته أن يأتى بالإنسان إلي معرفة عامة بالله ، تتفق أغلبية عظمي من المثقفين علي أن مفاهيم الغرض و التصميم تدعم وجود الله.
عارض رجل الدين الانجليكاني وليم بالي في كتاب ” العقيدة الطبيعية” الكتاب الذي اعترف داروين به قائلا ” لا اعتقد أنني اعترف بكتب اكثر …. ” 6 أن الشخص الذي يجد بالصدفة ساعة في البرية لا يمكن أن يستخلص أن الساعة وجدت من ذاتها ، لكن بالأولي أن الترس الملحوظ في الساعة ليس مصنوعا في الداخل فقط لكنه وجد أيضا لأجل هدف واضح. وهذا بالضرورة يتطلب وجود مصمم له. ويستمر بالي في أن يستبدل الكون بالساعة و يشرح أن ميكانيكا مصممة بهذه الكيفية التي للكون، تتطلب بالضرورة وجود مصمم عظيم . هذا مثال رائع عن الأسلوب الذي به يكشف نظام الخليقة عن وجود الله.
و يقدم لنا الكون معني تصميمه و ” وجود مصمم له” . كل الذين ينفتحون لمثل هذه الإمكانية يكتشفوا وجود الله من خلال الإعلان العام في بناء الكون- ويكتشف الكثيرون وجود الله من الإعلان العام في الطبيعية المليئة بالأغراض الحقيقية. كتب ك. ي. م. جواد الذي كان ملحدا في فترة طويلة، كتابا عنوانه “فائدة الإيمان” قيبل وفاته. يتابع في هذا الكتاب تقدمه المتدرج نحو الله و يسوع المسيح. كان جواد مقتنعا بشدة بمراقبة الطبيعة البشرية للتحقق من وجود الله و القانون الأخلاقىالذي غالبا ما يغفله الناس .
و يقدم ك. م. لويس منعطفا أخرا في الجدل حول الإعلان العام لوجود الله .
” لنفرض أنه لا يوجد أي ذكاء خلف هذا الكون، فما الحالة إذا لم يصمم أحد العقل المفكر؟ إذا كان التفكير هو نتاج الذرات في الجمجمة ” لا أحد يمكنه أن يثق أن تفكيري علي صواب. لكن إن كان لا يثق في تفكيري الخاص فلا يستطيع أن يثق في الجدل الذي يؤدي إلي الإلحاد وبالتالي لا يوجد سبب في أن أكون ملحدا أو اعتنق أى شئ أخر. وإن لم أؤمن بالله، لا أستطيع أن أثق في التفكير، و لا يمكنني أن استخدم التفكير في عدم الإيمان بالله”7ويشير الدليل – إلي ما يؤمن به المسيحيون – أن شخص الله أعلن عن نفسه من خلال العالم الذي خلقه و أن لديه خطة كاملة لهذا للعالم.
ماذا يخبرنا الإعلان عن الله؟
تهتم المسيحية، ليس فقط بوجود الله بصفة عامة، لكنها أيضا تهتم بالعلاقة الموجودة بين الله و الإنسان، و بالأخص فداء كل البشر. بينما يعلن بيان الحركة الإنسانية الثاني أنه لا يمكن لأي إله أن يخلصنا- و يجب أن نخلص أنفسنا- يردد المعتقد المسيحي قول توما الذي أشار إلي يسوع “ربي وإلهي” (يو 20: 28) وقول بطرس ليسوع ” كلام الحياة الأبدية هو عندك” (يو6: 28) الله معلن في كل أجزاء الكتاب المقدس و بصفة خاصة في المسيح. ويرغب في أن نعرفه بكل وضوح.
أن نقول أننا نعرف الله، هذا معناه أن الله له معنا”علاقة شخصية” فهو شخص وجوهر شخصيته هو إدراكه الذاتي و عواطفه و إرادته الذاتية ، التي تشكل شخصيته الإلهية. ويؤكد الكتاب المقدس وصف الله كشخص ذاتي الإدراك. في اشعياء 44: 6 يقول الله ” أنا الأول و أنا الأخر و لا إله غيري” وفي خروج 4: 14 يقول لموسى ” أنا أهيه الذي أهيه.”
بالإضافة إلي امتلاك الله الذات المدركة فإن الله الذي في الكتاب المقدس له مشاعر “الإنسان” نقرأ عن بعض هذه المشاعر في أن الله ندم (تك6 : 6) و غضب تث1 : 37) ،تحنن (مز11: 4 ) ، وأنه غيور ( خر20: 5) و قادر علي إظهار الرضا (تك1 : 4) و لا يري اللاهوتيون أن مثل هذه الصفات تجعل الله محدودا لكنهم يرون أن الله راغب أن يعلن عن نفسه في أسلوب إنساني محب للجنس البشري.