ابن الدموع

جزاء الصابرين




ليس من الممكن أن يهلك ابن هذه الدموع”    الأسقف ابروسيوس إلى مونيكا أم أوغسطينوس

بينما كان قلبي يعتصر من مرارة الندم عندما سمعت أصوات الأطفال يلهون في منزل مجاور وهم يهتفون ،قم واقرأ، قم واقرألا أتذكر أني سمعت مثل هذا النشيد في أي وقت مضى، لذلك جففت الدموع ، وأنا أفسًر ذلك أنه دعوة من الله أن أفتح الكتاب وأقرأ الفصل الذي أجده. فتحت الكتاب ووقعت عيناي لأول مرة: ” لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَد. بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ” توقفت عن القراءة، لست في حاجة إلي المزيد. الرسالة واضحة. ركعت علي ركبتي، شعرت أن نور الإيمان سطع في قلبي وبدد كل ظلام الشك بعيدا. “أوغسطينوس.

السيرة الشخصية

يذكر التاريخ عددا قليلا من الرجال الذين أحدثوا تغييرا في مجراه . القديس أوغسطينوس هو واحد من تلك القلة. وهو شخصية عظيمة، تعتبره جميع الطوائف المسيحية جسر التاريخوهو أكبر بكثير من أي إمبراطور أو أمير بل هو صانع التاريخ المسيحي في القرنين الرابع والخامس وباني الجسر  الذي ربط بين العالم القديم و العالم الحديث.

عاش في الفترة من 354 م إلى 430. أنارت كتاباته، العصور المظلمة. انتشرت أعماله على نطاق واسع خلال القرنين الثاني عشر، وحتى خلال أواخر العصور الوسطى. وجري إعادة اكتشافها من قبل رجال اللاهوت في عصور لاحقة.

. ولد في تاجستا، وهي بلدة صغيرة في ما يعرف اليوم باسم الجزائر، ولكن خلال سنوات مراهقته انتقلت عائلته إلى قرطاجة في شمال أفريقيا وكانت تحت الحكم الروماني. علًمته أمه، مونيكا، وهو صغير تعاليم المسيح. لكنه في سن الشباب سلًم نفسه بالكامل للشيطان. كتب أوغسطينوس في هذا يقول::

لم أستطع التمييز بين نور المودة وظلمة الشهوة. لقد تلوث نبع الصداقة والمحبة بمياه الصرف الصحي للشهوة

اتخذ عشيقة له لسنوات عديدة، أنجب منها ابنا غير شرعي. لا تزال قصة أوغسطينوس قصة الكثير منا، كان أوغسطينوس غير قادر على التحرر من مخالب المتعة. رغم ذلك، لم تتوقف والدته عن الصلاة والتضرع إلي الله من أجله، كما كتب أوغسطينوس، لم تظهر أي بوادر  الاستجابة لصلاتها.

تركت قرطاجة انطباعا قويا على أوغسطينوس. لشاب يذهب من تاجستا إلي قرطاج مثلما ينتقل فتي من نجع نأي الى عاصمة براقه. كانت قرطاجة إحدى العواصم الخمس الكبرى في الإمبراطورية الرومانية. وتتكون قرطاجة من شوارع، فيلات، ومعابد وقصور كانت مدينة عالمية و امتلكت كل المباهج والهرطقات.  بقي أوغسطينوس من السابعة عشر حتي الثامنة والعشرين من العمر. أمتص كل شرور قرطاجة، بما في ذلك تعاليم المانويين (طائفة دينية من بلاد فارس).

وأشار أوغسطينوس إلي تلك الأيام السوداء، واستمرت صلوات والدته التشفعية بلا توقفمرت، تسع سنوات وأنا أتمرغ في الوحل إذ انزلقت في بئر عميق، ومظلم من تعاليم المانوية “.

وأشار أيضا إلى أنه كيف كانت أمه تشعر بالراحة بعد كل صلاة في ذلك الوقت، لآن الله أعلن لها أن كل شيء سوف يعمل معا للخير في نهاية المطاف. ورأت في رؤية: إنها ترى نفسها تقف على منصة خشبية، وشباب مشرقون مقبلين إليها، مبتهجين ومبتسمين وسألوها عن سبب حزنها ودموعها وقالوا لها أنظري وعندما نظرت، رأتني واقفا علي نفس المنصة. كم كانت حزينة بسبب شروري واعتناقي الافكار المانوية، لدرجة أنها توسلت إلي الأسقف المسيحي، وطلبت منه، التحدث مع معي بشأن الهرطقات المانوية. لكن سمعة أوغسطينوس بوصفه خطيبا ومجادل ماهرا، فلم يتجأ الأسقف على محاولة مجادلة هذا المصارع القوي. وأعتذر للأم مونيكا بحكمة.

لكن مونيكا أصرت عليه بتوسلات ودموع. انزعج الأسقف، من استمرارها في البكاء، أجاب بثقة مع اللطف والرحمة، اطمئني، اطمئني! وليس من الممكن أن يهلك ابن هذه الدموع “.

في سن التاسعة والعشرين، تاق أوغسطينوس للذهاب إلى روما العظيمة، المدينة الأكثر شهرة في العالم، ومقصد العلماء والحكماء، ومركز الكون في ذلك الوقت. خوفا على انزلاق ابنها، أصرت مونيكا بدون توقف منعه من الذهاب وأصر أوغسطينوس علي السفر. وأثناء ظلام الليل، هرب من أمه، واستقل سفينة إلي روما

كان قلب أوغسطينوس ثقيلا، بسبب رطوبة البحر، و ثقيلا من الكذب والقسوة التي ارتكبها مع أمه البارة. اضطرب ضميره، وشعر بالندم. كتب لاحقا:

أنا كذبت علي أمي، وهربت. خرجت سرا، لم اهتم بها وهي غارقة في البكاء والصلاة. هل تسمح لي يا رب أن أبحر؟وصل أوغسطينوس إلى روما ثم أتجه الى الشمال إلي ميلانو حيث تقابل مع امبروز، أسقف ميلانو بعد هذا اللقاء، تخلي أوغسطينوس عن معتقدات المانويين إلى الأبد، وبدأ في دراسة العقيدة المسيحية عن قناعة عميقة: “”ألقيت نفسي لا أعرف كيف، في مثل شجرة التين الجافة، لكي أجد متنفسا لدموعي التي انفجرت كالفيضان من عيني وأنا أقدم نفسي ذبيحة مقبولة لله.” ، وأنت يا رب إلي متى؟ الى متى يا رب تكون غاضبا، هل إلى الأبد؟: الى متى، الى متى، إلى الغد، وبعد الغد؟لماذا ليس الآن؟ لماذا لا تكون هذه الساعة هي نهاية حياة النجاسة؟ كانت كلماتي مبلله بالدموع وقلبي يعتصر ندما و مرارة، عندئذ، سمعت من أحد المنازل المجاورة صوتا، من صبيان أو فتيات، لا أعرف، وهم يهتفون و يرددون: “،قم اقرأ، قم اقرألا أتذكر أني سمعت مثل هذا في أي وقت مضى، لذلك جففت الدموع ، وفسًرت ذلك أنه أمر من الله أن أفتح الكتاب وأقرأ الفصل الذي أجده. فتحت الكتاب ووقعت عيناي علي: ” لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَد. بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ

لا مزيد من القراءة، لست في حاجة إلي المزيد. في نهاية هذه الجملة، يبدو كما لو أن ضوء الصفاء غرس في قلبي واختفي كل ظلام الشك بعيدا. رجعت في هدوء تام إلي صديقي ألبيوس الذي طلب مني أن أخبره بما حدث وماذا قرأت، فأريته الموضع فتقوي هو أيضا. ثم اتفقنا علي العودة إلي أمي، لإبلاغها بالأخبار السارة . عند سماع أمي الأخبار السعيدة، ابتهجت ورقصت طربا وباركتني وهي ترددالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا

كما نعلم، فإن أوغسطينوس ذهب إلى أكثر من تحقيق كل آمال والدته في الصلوات، وأصبح أسقفا ومدافعا عن الإيمان. بعد العودة الى الوطن في نهاية المطاف، ساهم هذا الضال الكبير في بناء بيت الإيمان الذي يقف إلى يومنا هذا. في كلمات مالكولم ماجريدج: “الفضل يعود في ذلك إلى أوغسطينوس، لم يذبل نور العهد الجديد مع سقوط روما لكنه بقي وسط حطام الامبراطورية انعكس الضوء على حضارة أخرى، الحضارة المسيحية“.

أما بالنسبة لمونيكا، وقد تم عملها على الأرض. بعد يوم واحد من تجديد ابنها، أعلنت أنها كانت لا تبغى شيئا للعيش من اجله، والآن قد حققت سعيها المتواصل لكي يأتي إلى الإيمان بالمسيح. بعد تسعة أيام انتقلت إلي السماء.

نقرأ في الكتاب المقدس عن الضال الذي استمر أبوه يتطلع إلى عودته، وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. ” “. نشكر مونيكا التي عاشت حياتها تبكي، تئن وتتمخض من أجل رجوع ابنها الضال. كلما ركض أوغسطينوس، تابعته. كلما قابلته في البيت، تحدت طرقه المتمردة. قد جسدت بالتأكيد الحب الذي قد تعلمته عن أبينا السماوي الحقيقة الواردة هي كتابهاعترافاتي: “إن الطريقة الوحيدة التي يمكن للإنسان أن يفقد هي أن يخسرك أنت وإذا خسرك أنت، أين يذهب؟ يمكنه أن يهوي في غضبك “.

الصلاة المقتدرة

1. الصلاة المقتدرة هي التي ترفع باسم المسيح

2. الصلاة المقتدرة هي الصلاة المنكسرة. الصلاة ليست فاعلة إلا إذا عرضت في انكسار أمام الله.

3. .يجب أن نصلي بغرض محدد. هدف مميز في ذهننا. كثير منا يصلون لكل ما يأتي إلى عقولهم، هذه ليست فعًالة.

4. يجب أن تكون الصلاة وفقا لإرادة الله. يكشف الله إرادته لنا للإرشاد في الصلاة: (أ) حسب مواعيده، (ب) حسب قصده و (ج) حسب روحه.

5. يجب أن تتساوي الرغبة في موضوعها مع أهميتها. فتكون قوية، وغير مخالفة لعناية الله، مع توقع الاستجابة.

6. يجب أن لا تكون أنانية، ان ترفع لمجد الله. الأنانية تمنع الاستجابة

7. يجب أن نصلي في إيمان. لا تبحث عن إجابة إذا قدمت الصلاة دون أي توقع من الحصول عليها.

Comments are closed.