الاحياء في المسيحية الكتابية

لسان المتعلمين

أعلن الرب يسوع المسيح في مرقس 10: 6 ” من بدء الخليقة ذكرا وأنثي خلقهما الله” . ويفسر اللاهوتيون التطوريون معني هذه الآية بصورة تحايلية لتؤيد الوضع التطوري.يعلن اللاهوتيون التطوريون أن تعبيير الخليقة يعني أن الله خلق الشرارة الأولي في الحياة ثم قاد الخليقة إلي التطور.

هكذا يؤمن بعض المسيحيين أن الكتاب المقدس لا ينكر نظرية التطور كتفسير لأصل الأجناس،.ويدافعون عن هذا الموقف، عند مناقشة الآيات التي تعلن أصل الأمور بصراحة، عقيدة التطور اللاهوتي تقوض المفهوم المسيحي عن الله و مكانة الإنسان في الكون

فمثلا – يقال أن الله قادر علي كل شئ ، هذا أمر منطقي ، وأنه استخدم التطور لتوالد كل الأنواع ، لماذا يستخدم الله آلية عاجزة غير كافية ؟ إذ كان الله قد خلق العالم بحسب قوانين الانتخاب الطبيعي التي تتطلب أدني نظام، لماذا يستخدم الله آلية تطورية تحتاج إلي تعديل دائم منه في تطور الحياة؟ أكثر من هذا تبدو هذه الآلية قاسية بصفة خاصة في خلق الإنسان. يذكر حيكز مونود ” الانتخاب الطبيعي هو أقسى طريقة عمياء لتطوير الأنواع الجديدة”
الأمر الأهم هو ، إذا كان التطور حقيقية، إذا فجنة عدن والخطية الأولي لم يوجدا وهما مجرد مجاز.هذه وجهة نظر تقوض معني حياة المسيح الطاهرة بدون خطية- وموته النيابي علي الصليب. لماذا؟ لأن الكتاب المقدس يقدم لنا المسيح المناظر لأدم. الدينونة و الفساد الذي جليته علينا خطية أدم هي نسخ مطابقة لضرورة التبرير والتقديس اللذين قدمهما لنا المسيح بموته وقيامته( رو5: 12، 19). لو لم يكن أدم شخصية تاريخية ولم يكن سقوطه في الخطية أمرا تاريخيا، ستنهار عقيدة الكتاب المقدس عن الخطية وعقيدة كفارة المسيح لنا.

لا يقبل المسيحي طبعا ، هذا الارتباك وهكذا تتطلب وجهة النظر المسيحية إيمانا بالخالق كما ترد أوصافه في سفر التكوين.

أطلق علي المؤمن منذ 40أو 30 أو حتى 20 عام مضت تعبير راديكالي لأنه منذ عهد قريب لم يهاجم التطور علميا. لسوء الحظ تحول كثير من المسيحيين إلي تطور اللاهوت كالوسيلة الوحيدة لمصالحة العقل مع إيمانهم المسيحي. واليوم توجد اعتراضات قوية علي التطور وعلي المسيحيين الذين يرغبون في التوفيق أن يتخلوا عن التطور كتفسير منطقي لأصل الأنواع.

المسيحية والعلم.

جذور العلم الحديث متأصلة في وجهة النظر المسيحية في العالم . هذا أمر ليس مدهشا، حيث أن العلم يفترض أن الكون منظم ويعمل وفقا لقوانين اكتشافية معينة. الكون المنظم قانونيا هو من عمل العقل السامي الذي هو اعتقاد كثير من العلماء منذ وقت مبكر.

قرر الفيلسوف الشهير والمؤرخ المعروف في العلم ستانلي جاكي أنه ” من عصر كوبرنيكي إلي نيوتن لم يكن التأليه هو العامل الأساسي بل أن اللاهوت المسيحي هو الذي خدم كعامل أساسي في القضية العلمية لكي نصل إلي نضج ذاتي”
ويتأصل في هذا الأسلوب العلمي المبكر في تنظيم العالم الاعتقاد أن الخالق القدوس هو الذي نظمه. ويشير لانجتون جيلكي ” جعلت فكرة وجود للخالق السامي أنه من الممكن تأكيد الفهم العلمي للنظام الطبيعي ولم تعيق تقدم هذا الفهم ” فقد التطوريون حديثا الرؤيا لهذا النظام بحسب وجهة نظرهم التى تنادي بأن كل الحياة ناتجة بالصدفة.

هذه المشكلة في وجهة النظر تجعل التطوريين يفقدون رؤيا المعجزات التي تسود الكون. بينما قبل العلماء الأوائل المسيحية وكانوا قادريين علي التعرف علي نظام العالم كنتيجة علم الخالق الفائق، ينظر التطوريون كل شئ كحوادث صدفة ( الصدفة بدلا من الخلق)

يفهم اتباع حقيقة الخلق أن النظام والتصميم العظيم في عالمنا يؤكد بصورة لا تقبل المناقشة وجود مصمم وخالق ، وهكذا يستخدم الخلقيون الغائية – التصميم في الطبيعية لتدعيم اعتقادهم في الخلق.

الغائية تساند الخلق
قدم وليم بالي أشهر نص للجدل الغائي للساعة. و منذ القرن التاسع عشر ، ساد الاعتقاد أن جدل “بالي” حول موضوع تصميم العالم كان له الجواب المؤثر عند الفيلسوف ديفيد هيوم. أعلن هيوم أن تشبيه بالي بين الأشياء الحية و الآلات غير حقيقي ولذلك ، فإن الحياة لا تحتاج إلي مصمم عاقل لكن الآلة تحتاج إليه.   قاد رد هيوم علي بالي إلي كثير من عدم وثوق الناس في الجدل الغائي بكل أشكاله، الذي ساهم في رغبة العلم في تجاهل التصميم في الطبيعة واقتراح أن كل مجالات الحياة جاءت نتيجة الصدفة.
لكن لم يعد العلم يتجاهل الغائية ، لقد اكتشف العلم الحديث أن الحياة الحقيقية تشبه مجموعة من الماكينات معقدة التركيب. وهو بذلك يدعم جدل بالي. قال ميشيل دانتون عالم الجزئيات البيولوجي ” لم يكن بالي فقط علي صواب في تأكيد وجود تشابه بين الحياة والماكينة، لكنه تنبأ أيضا بالاعتقاد بأن الغائية الأصيلة تحققت في نظام حي وأنها في تزايد مستمر إذا ما أنجز الإنسان شيئا ما”
يتعلم العلم درسا قديما من جديد ، كلما زادت الاكتشافات حول الكون، كلما زاد اكتشاف التصميم – يساند كثير من العلماء المعروفين بأتباع بالي بصورة غير مسبوقة في عصرنا الحالي، و هم يصفون التصميم في الطبيعة المعلن لهم بواسطة العلم.   عالم الفيزياء بول ديفيز ، الذي لا يرغب أن يكون مسيحيا ، يؤيد الغائية – بشدة و”الخلق” عندما يقول ” كل تقدم فيزيائي أساسي يكشف شكلا أخرا من النظام

تبدو هذه ،كخلاصة ملحوظة لها معني قليل. لكن التطور الحاسم يتطلب فرصة وليس القانون للقوة المرشدة . عندما يعلن عالم غير مسيحي مثل ديفيز أن الكون لا يمكن رؤيته كشيء ناتج عن الفرص، ففي هذا ضربة قاسية لنظرية التطور المادي.

عندما يفهم الشخص حقيقة ، تنظيم الحياة المعقدة ، يصعب عليه أن يتخيل أن الصدفة تنتج خلايا بكتيرية ، التي هي أبسط نظام حي . يشرح دانتون ” مع أن أدق الخلايا البكتيرية المتناهية الصغر تزن أقل من 1/12 من الجرام ، فكل منها يشغل بثبات آلاف الجزئيات الدقيقة جدا والمعقدة التركيب في نحو ألف مليون ذرة -أكثر تعقيد من أي ماكينة يصنعها الإنسان ولا توازي أى أمر في عالم غير حي” وهكذا أشار بالي منذ قرنين مضيا ، أن هذا النموذج من التصميم يتطلب عقلا حكيما – حيث لا تستطيع عمليات الصدفة أن تنتج مثل هذا النظام المتشابك.

 

Comments are closed.