تطور التطور

لسان المتعلمين

عندما يبدأ المسيحي الكتابي حديثه عن الإنسان منذ بدء الزمان، تضع الحركة الإنسانية أحقابا طويلة من الزمن (نحو 16 بليون سنة) من تكوين الكون وتطور الحياة والإنسان. علينا أن نعود لنفحص الحجر الأساسي في وجهات نظر. نظريات التكاثر التلقائي والتطور، لم يستطع أحد أن ينتج أنواعا جديدة بواسطة الانتخاب الطبيعي، لم يثبت صحة نظرية دارون في التطور وتأكدت تصدعات نظرية التطور لأن مثل هذا التعليق يقوي النظرة المسيحية في الخلق (إذا كان تطور دارون المتدرج لا يمكن الدفاع عنه علميا، الخلق مؤكد جدا. ويوجد في نظرية التطور تصور أكثر وتناقض أكبر في الاعتقاد بالتكاثر التلقائي، وتطور نظرية التطور.

          أحد المعتقدات التي يتمسك بها الماركسي أو تابع العلمانية أنه في مكان ما، بطريقة ما في وقت ما، نشأت الحياة من العدم بدون التوالد تلقائى، لابد أنه كانت توجد حياة عند شخص ما، لهذا، لكي يكون تابع الحركة العلمانية والماركسية ملحدا، تابعا للمذهب الطبيعي بقدر كاف، عليه إنكار تجارب فرانسيسكو ريدي ولويس باستير التي أثبتت عدم صدق التوالد التلقائي وأكدت بشدة قدرة مادية غير عضوية- على تنظيم ذاتي للحياة.

 يقدم جورج والد مثالا ممتازا عن التشبث العقائدي الذي يتمسك به التطوريون الماديون بخصوص فكرة التوالد التلقائي. يتحدث عن الاعتقاد بالتوالد التلقائي كضرورة فلسفية لدي العالم ويعلن كثير من علماء الأحياء، بعد أن اقتنعوا بفشل فروض التوالد التلقائي، لم يقبلوا الاعتقاد البديل في “الخلق الخاص” لم يعد لهم شيء باق، يمكن علي العالم أن يختاره، لكي يقترب من اصل الحياة في فروض التوالد التلقائي

          لكي يساندوا إيمانهم في التوالد التلقائي شجع أنصار الحركة العلمانية الدينية على تجارب كثيرة أدخلت فيها شرارات بعناية في سوائل بدائية لكي يستخرجوا القفزة الأولى من عدم الحياة إلى الحياة. جعل أ.ل. أوباريم هذه التجارب مشهورة للتطورين. لكن تتبقى الحقيقة الصعبة أنه لم ينجح أوباريم أو أي عامل آخر في انتزاع التوالد التلقائى من هذا السائل البدائي. يقول ديفيز ولينون “برهنت خطوة المركبات البسيطة حتى الجزئيات المعقدة للحياة مثل البروتين، DNA أنها خطوة صعبة ” ذلك لأنها قاومت كل جهود العلماء الذين عملوا في المشكلة. وقرر العالمان ” بدون الذكاء في استخدام كيماويات محدودة وحالات ضبط خاصة، لم يتجمع الحامض الأميني في المعمل. نفس الأمر”. بالإضافة إلي ذلك فإن جميع هذه التجارب التي بحثت في خلق الحياة في أنبوبة اختبار تمت في غياب الأوكسجين حيث أن الأوكسجين يحطم أي مركب عضوي. يقول ديفز ولينون ” نحن العلماء ندرك الآن أن الأوكسجين كان موجودا علي الأرض منذ أقدم العصور”.

أدرك فريد هوفل – المتحدث الملحد لسنوات عديدة – خطأ هذا التفكير وهو الآن يعارض أنه توجد فرصة أفضل لإنتاج 747 عبر تفجير فى مقالب القمامة أكثر من الوصول إلى الحياة بالصدفة. يعتقد أنه لا سبيل إلي إنتاج DNA بعمليات الصدفة، لا شيء من مجرد تجميع الأنزيمات الضرورية بالصدفة يمكن أن يستغرق 20 مليون سنة. كتب ثلاثة من العلماء: شارلس ثاكتون وولتر برادلي وروجر ألسن – في بحثهم ” سر أصل الحياة: في وضع قيم للنظريات الحالية أن ” جريان الطاقة غير الموجه في مجال بدائي وفي المحيط هو تفسير خطير غير كامل في ارتباطه بأنظمة الحياة البسيطة وهو احتمال خاطئ”

  هذهالنتيجة لا يقبلها الماركسي وتابع الحركة الإنسانية العلمانية. الاعتراف بعدم إمكانية نشأة الحياة من عدم الحياة يهز وجهة نظرهم من أساساتها. أتباع كل من الحركة الإنسانية العلمانية مغرمون بوصف المسيحية بالتحيز ويتجاهلوا ذكر أن عقيدتهم في التوالد التلقائي عند الملحد هي بمثابة التجسد عند المسيحي. وهكذا نكتشف في الماركسية والحركة الإنسانية العلمانية اعتقاد شديدا ليس له أساس أكثر من أي دين بدائي. في فحص اتجاه البشر المتغير نحو نظرية التطور، صار من الواضح أن التطور قد انخفض إلي عقيدة ينقصها التأييد، عقيدة يعتنقها اتباع العقيدة الإنسانية العلمانية. لم تكن هكذا دائما. بدأ التطور كنظرية علمية أخري. حتى دارون كان يتعامل مع النظرية كموضوع زائف، معتقدا أنه ما لم تظهر أشكال انتقالية عديدة في السجل الأحفوري تنهار النظرية. ، وكتب يقول ” يجب تزايد عدد الاختلافات الوسيطة التي كانت موجودة في الماضي علي الأرض. لماذا إذا لا يمتلئ كل تحول جيولوجي وكل طور من أطوار النمو من هذه الحلقات الوسيطة؟ من المؤكد أن الجيولوجيا لا تكشف عن مثل هذه السلسلة المتدرجة عضويا، وهذا، هو الأكثر وضوح والاعتراض الأعظم ضد نظريتي”. كان خجل دارون بخصوص الصراع الناتج عن نظريته مع السجل الأحفوري، سببه الحقيقة أنه في “أصل الإنسان”” لم يذكر دارون أي إشارة إلي الحفريات تأييدا لاعتقاده في التطور البشري”. وبالرغم من تحفظات دارون الخاصة، فإن الملحدين في كل مكان يعلنون أن التطور حقيقة. أعلن جوليان هكسلي عام 1960 أن دارون ” لم يقر على أن التطور حقيقة. وكل الأمر المتعلق به كفكرة”.

ربما يستطيع الإنسان أن يقر بمثل هذا الادعاء السريع عام 1960 في مدي أكثر من ثلاثة أحقاب زمنية مضت. الدليل ضد نظرية التطور لم يكن بهذه الصورة اللعينة. لكن اليوم من المفرط أن يعتبر التطور نظرية علمية، بل يجب وصفها كخرافة. في العصر الحالي دخلنا الحقبة الثالثة في نظرية التطور: صارت النظرية عقيدة دينية أي أنها مضادة للمنطق وتتطلب مصادر إيمان عميقة.

كان التطور في البداية نظرية ثم بعد ذلك، بعمل الحركة الإنسانية العلمانية والماركسية أخذت دورا بطوليا باعتبارها حقيقة. ولا تزال اليوم تعرض كحقيقة. الآن تراها تتعارض مع كل اكتشافات الإحاثة، التناظر، الوزن الجزيئي في الأحياء، ومع هذا، يطلق عليها كحقيقة مطلقة. يتمسك الملحدون وأتباع عقيدة وحدة الكون بالتطور رغم اكتشافات العلم الحديث، مستخدمين وسيلة أو أثنين وهم يعمون أنفسهم عن كل الحقائق التي تتعارض مع “التطور المتدرج”، التي تراوغ مع غياب الحقائق المدعمة، وادعائها أنها صحيحة ليس لأنه توجد حقائق تدعمها بل لأنه لا يمكن إدراك أية حقيقة تتعارض معها. من الواضح أن هذا الاعتقاد له كل علامات الإيمان الأعمى حيث أنه يتطلب من الناس الإيمان به في حالة عدم وجود أى أثار له. ويعرض اتباع دارون في العصر الحديث إيمانا أعمي مشابها لهذا. أنهم يعمون أنفسهم عن كل السجل الأحفوري للاحتفاظ بمعتقدهم في التطور.

أصبحت تصدعات نظرية التطور واضحة جدا لدرجة أن بعض التطورين المشهورين تخلو عنها: تخلي باترسون سريعا عن فكرة التطور

 ومن المثير أن التطوريين لا يمكنهم أن يشيروا إلي اتجاه واحد حقيقي في النظرية. لهذا يجب التخلي عن التطور. ويمكن لعدد قليل منهم أن يتخلى عن نظرية غير قانونية. ذكرت دائرة المعارف الفرنسية بالتضامن مع قادة الأحياء في فرنسا: “نظرية التطور مستحيلة …. التطور اتجاه عقائدي حتى وإن كان كهنته لم يعد يؤمنون به لكنهم يستمرون في عرضه على شعبهم خرافة دارون ستعتبر أعظم خداع في تاريخ العلم يوما ما. لكن نظرية التطور تناضل بشدة. يثق الماركسيون والعلمانيون فيها بصورة عمياء ويدافعون عنها حتى الموت. لا تدهشنا رغبتهم في التعلق بمثل هذا التفسير الضعيف. حذر ع. ك. شيسرون في أحد تعبيراته: إذا كان الإنسان يؤمن بالله فليس هناك خطأ في أته يؤمن في لا شيء لكن الخطر هو أنه يؤمن في أى شيء. ما يدهشنا هو أن العالم، وللأسف كثير من المسيحيين ابتلعوا النظرية بالكامل، وسمحوا لها أن ترتقي في وجهات النظر العالمية. وفي يومنا، قبل عدد من الكليات المسيحية تعاليم وجهة نظر التطور.

تقدم المسيحية نظرة قادرة على تغيير العالم، ومع هذا حول كثير من المسيحيين ظهورهم للإعلان الخاص واتبعوا نظرية التطور التي تتعارض مع الكتاب المقدس، وتتعارض مع العلم. هذا خطأ لكن الوقت قد فات للتحول عنه. قد حدث اليوم دمار أكثر. تأسست مقدمات العلمانية والماركسية على نظرية التطور (ويتضمن هذا، القانون، الأخلاق والسياسة). ومن الساخر أنها اكتسبت الكثير من الشرعية بسبب ارتباطها الوثيق بنظرية التطور “العلمية”. واليوم، العلم ساخط عليها ويمكن أن ينهار كل المبني المؤسس على هذه الخرافة.

Comments are closed.