تطور القانون

لسان المتعلمين

لكن أتباع الحركة العلمانية والماركسية لا يفهمون ذلك ولهذا يخلقون مشكلة أخري. عندما ننكر مسئولية الإنسان ونعلن سيادة الدولة فإننا نحطم العدالة. يعتبر هذا أخطر اتجاه في الرؤيا المثالية اليوطوبية. عندما تصير الحكومة هي المرشد الوحيد للبشر فإن الوضع القانوني الوحيد يخلق وضعية قانونية وسيادة الدولة لا تنفصل- وكل نظرية تفرض الأخرى.

إذ رجعنا بذاكرتنا إلي أعظم دكتاتورية استبدادية في القرن العشرين: أدولف هتلر، ستالين وماوتس تونج- نري أن كل منهم تبني الدولية ومارس القانون الوضعي، لم يجد الراحة في معرفة أن القانون الذي سيؤسس عليه (نظام العالم الجديد) هو القانون الوضعي. ستنادي الحكومة المقترحة ببناء تركيب قانوني مؤسس على التفسير المادي للإنسان والحكومة. تعين الحقوق البشرية بحسب المعايير لما هو يساعد الإنسان على تطوره إلي الكمال. تصميم هذا التركيب السياسي السامي أشار إليه ملاخي مارتن بأنه مؤسس على افتراض أننا نقوم بأنفسنا بتصميم مصيرنا. يتعاظم الإنسان، ومعه، ترفض فكرة سقوط الإنسان. الشر هو موضوع تركيب قاصر وليس بأي حال ميلا أساسيا عند الإنسان”

لماذا يكون القانون الوحيد للحركة العلمانية وللماركسية هو القانون الوضعي، لأن الله غير موجود، ولذلك لن يتبع أحد القانون. وهكذاا إما أن يصير الإنسان قانونا لنفسه أو أنه يثق في الدولة لكي تصنع له القانون. تميل الحركة الإنسانية الكونية إلي جعل كل واحد قانونا لنفسه. لكن الحركة الإنسانية العلمانية والماركسية يفهمان أن هذا سيؤدي إلي الفوضى ولذلك تفضلان منح الدولة السيادة.

وضع الثقة في الدولة هو الأساس المطلق في قانون يقود إلي النسبية، حيث أن الحكومة هي كيان يتغير دائما. لكي يظل القانون دائما، ولكي تعني العدالة به منطقيا، يجب أن يكون القانون له أساس لا يتغير- يسوع المسيح الذي ” هو هو أمسا واليوم وإلى الأبد ” عب13: 8. هذا الأساس المطلق وحده يمكنه وضع قانون دائم نظير ” من غير القانوني ومن الخطأ الأخلاقي أن يأخذ القاضي رشوة” الأنظمة الأخرى من القانون يمكنها أن تعلن ” من غير القانوني، في الظروف الحالية أخذ الرشوة” أو ” لا نأخذ رشوة بانتظام”

تقود النسبية القانونية إلي نسبية مفرطة في الانحراف. تعتمد حقوق الإنسان علي طبيعته، احتياجاته، قدراته وتطلعاته- ليس علي أصله. الأطفال لهم حقوق ليس لأنهم مخلوقات، لكن لما هم عليه ولما سيكونون عليه. ليس الله الذي يمنح الحقوق لكنهم البشربصفة عامة” .هذه هي قمة النسبية. حيث أن الطبيعة الإنسانية هي في تطور دائم متغير، وأن كل شخص مختلف عن رفيقه من البشر في الاحتياجات والقدرات، فإنه من الطبيعي أن يتبع كل حين وكل فرد حقوقا تختلف بحسب الفروق. هل يعني هذا، أن أمتلك حقوقا أقل من عازف البيانو لأنه أكثر مني قدرة؟ هل أتمتع بحقوق أكثر مما ينالها فقير في أثيوبيا؟ من الواضح. أنها ليست أسس حقوق صالحة تلك التي تتأسس على الصفات البشرية أو السياسات الحكومية. يجب أن تتأسس الحقوق والقانون على صفات الله وإلا ستكون اعتباطية

. هناك مثال أساسي لهذا- طوره بعض الإنسانيين العلمانيين قريبا فيما يختص بحقوق الحيوان: لا يوجد منطق موضوعي في تطور نوعنا إلى الصنف المفصول عن باقي الحيوانات التي تشترك معها في الجهاز العصبي، القدرة على الشعور بالألم والسلوك الذي يهدف إلى تجنبه، لهذا، فإن الحقوق الأساسية التي تمنحها لذاوتنا يجب أن تكون لنا بالتساوي، ينطبق هذا على كل عضو له نفس الصفات”

  ويلازم الانحراف التطوري، ألا يري هؤلاء العلمانيين أي تمييز بين البشر وباقي المملكة الحيوانية – يجب النظر إلي البشر والفئران على السواء بدون أي تفضيل في مجال الحقوق. هذه النظرة تجرد الإنسان من كرامته كالمخلوق علي صورة الله و تنكر إ رادة الله لسيادة الإنسان فوق الخليقة (تك 1: 28) و هكذا يعطي البشر حقوقا زائلة عابرة لا معني لها كالحقوق التي نمنحها للضفادع أو حيوانات تسمانيا الأسترالية

 يجب أن نضع في الاعتبار بكل جدية: هل يمكن أن تمنح الأسود الحقوق بحسب وجهة النظر الإنسانية العلمانية لتبحث عن السعادة حتى لو كانت تحرم الذئاب من حق الحياة؟ هل نعطي الحقوق للنباتات أيضا ( طالما أنها تعيش في حياة تطورية ) وهكذا يهلك الجنس البشري خشية قتل رفيق عضوي ؟ هذا سخف واضح في وضوح سخافة حقوق الحيوان في وضع تأثير لفراخ النسور داخل البيض أكثر من أطفال البشر في البطن. لكن هذه السخافة تنبع من وجهات النظر التي تؤسس الحقوق على مؤسسات أيدلوجية متغيرة.

 يجب أن ندرك خطر النسبية القانونية على كل شيء. ليس من المبالغ فيه أن نقول إنه تحت القانون النسبي، يستيقظ الفرد ذات يوم ليري أن العيون الخضراء حكم عليها بعدم قانونيتها وأن يحاكم الفرد بسبب لون العينين. عندما تكون الدولة هي الأساس الوحيد للقانون فإنه يمكن صدور أي قانون.

 يمكن رؤية أمثلة كثيرة لهذا في كل أنحاء المجتمع. استخدم هتلر، ستالين وآخرون القانون الوضعي لقتل الملايين – أصدروا القوانين لإبادة اليهود، الغجر المرضي وملاك الأرض المسيحيين أو أي شخص يرغبون في إبادته- وهذا يعني أي شخص كان يقف في طريق سلطانهم المطلق لكل شخص أو عمل في المجتمع. في أمريكا – القوانين التي لم يحتملها معظم البشر، ومنذ سنوات قليلة تعتبر مستويات للحياة. أقر القانون الإجهاض لأن الدولة، قررت أن الطفل في الرحم ليس طفلا. ربما بعد 20 عام من الآن، يصير تشريع بقتل الأطفال لأن الدولة ربما تقرر أن الطفل ليس كائنا بشريا، حتى يمكنه أن يمش على قدميه أو يتحدث جليا. التمييز بين الصواب والخطأ ضعيف في مجتمع يتجه نحو الوضعية القانونية.

عكس ذلك، أنتج تطبيق القانون المسيحي علي المجتمع تركيبا قانونيا عمليا حيث أنه مؤسس علي شخص الله، النظام الأخلاقي، الإنسان مخلوق علي صورة الله، مجيء يسوع المسيح في الجسد. أنتج القانون المسيحي فكرة القانون العام، الماجنا كارتا (حقوق الإنسان) إعلان الاستقلال ودستور الولايات المتحدة.

 أخصبت حقوق الإنسان في حكومة عادلة في إنجلترا، مثل تطبيق القانون المسيحي في الولايات المتحدة الذي شكل الوضعية الدستورية في أمريكا. لآن الأباء المؤسسيين لها قرأوا طبيعة الإنسان الحقيقية، وزعوا السلطة بصورة صحيحة، أسست أمريكا نظاما قانونيا يحمي حقوق البشر وكرامتهم في كل أنحاء العالم. قال اليكس دي كوفيل ” لا يوجد دولة في العالم تحفظ فيها الديانة المسيحية النفوذ علي البشر ولا يوجد دليل أقوي على فائدته وتطابقه مع طبيعة البشر، أكثر من تأثيره الذي تشعر بقوته أعظم الأمم تحررا على الأرض”

  في مقارنة هذا التاريخ القانوني مع تاريخ القانون الوضعي في النصف الأول من القرن العشرين، قال روبرت جاكسون ” لم يشهد أي نصف قرن قتلا بمثل هذا المعدل، هذه القسوة، عدم الإنسانية، ترحيل المواطنين، العبودية، وإبادة الأقليات وهذه الأفكار لها نتائج وضعية قانونية مأساوية”

Comments are closed.