عيد الشهداء

خدمة المثمرين




عيد الشهداء

شهداء المسيحية

إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثيريوحنا 12: 24

عانى المسيحيون من الاضطهاد الديني، في عصور مختلفة تاريخيًا وحاليًا على حد سواء، وقد تم اضطهاد المسيحيين في وقت مبكر، على أيدي اليهود، ومن قبل الإمبراطورية الرومانية التي كانت تسيطر على الأراضي التي انتشرت فيها المسيحية. استمر هذا من الاضطهاد الروماني من القرن الأول حتى القرن الرابع الميلادي. وينقسم الاضطهاد الروماني إلى عشر حقب، تحت حكم عشرة أباطرة: هم على الترتيب: نيرون، دومتيانوس، تراجان، أوريليوس، سبتميوس، مكسيميانوس، ديسيوس، فالريان، اوريليان دقلديانوس

  1. الثمر الكثير

إيمان الوثنيين بالمسيحية

كانت العبادة الوثنية عبارة عن ترديد أسحار وتعاويذ وتقديم المأكل والمشرب للآلهة وتعاليم غامضة وشعائر سريةً بعكس العبادة المسيحية حيث فيها ترجمة عملية للإيمان في محبة للجميع. وكانت اليهودية ديانة مغلقة تخص شعب واحد وظهرت المسيحية لتنشر محبة الله للعالم اجمع: “اذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها” (مر 16: 15).

انجذب إلى الايمان بها اليونان والرومان من كل جنس وشعب وطبقة. كان الدين والدولة شيئا واحدا، فصلت المسيحية الدين عن الدولة “اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله” مت 22: 21

رفض المسيحيون تأليه الإمبراطور الروماني وعبادته كما رفضوا الخدمة في الجيش الروماني، ولذلك نظرت الحكومة الرومانية إلى المسيحيين على أنهم فرقة هدامة تهدد أوضاع الإمبراطورية

بدأ الاضطهاد المسيحي في روما على يد نيرون من اجل إبادة المسيحية في القرن الأول. وعلي العكس، انتشرت المسيحية بفضل شجاعة الشهداء، الأمر الذي أدى إلى دخول الوثنيين في الايمان المسيحي. عبر عن ذلك العلامة ترتليانوس “دماء الشهداء بذار الكنيسة “

اشتد اضطهاد الدولة الرومانية للمسيحيين في عام 64 م على يد الإمبراطور نيرون وحتى عام وفاته 68 م بتحريض من زوجته بوبياسبينا وعرف هذا الاضطهاد بالاضطهاد الأول، في عصره كثرت المؤامرات والاغتيالات السياسية التي كان له يد في تدبيرها وكانت أمه “أجربينا” إحدى ضحاياه وماتت وهي تلعن ابنها نيرون الذي ابلت به العالم، ومن ضحاياه أيضاً “أوكتافيا” زوجته الأولى. وأيضاً قتل معلمه سينيكا.

الحريق الشهير 

أما أشهر جرائمه على الإطلاق كان حريق روما الشهير سنة 64 م حيث راوده خياله في أن يعيد بناء روما، وبدأت النيران من القاعدة الخشبية للسيرك الكبير حيث شبت فيها النيران وانتشرت بشدة لمدة أسبوع في أنحاء روما، والتهمت النيران عشرة أحياء من جملة أنحاء المدينة الأربعة عشر، وبينما كانت النيران تتصاعد والأجساد تحترق وفى وسط صراخ الضحايا كان نيرون جالساً في برج مرتفع يتسلى بمنظر الحريق مع زوجته اليهودية الذي خلب لبه وبيده آلة الطرب يغنى أشعار هوميروس التي يصف فيها حريق طروادة. وهلك في هذا الحريق الآلاف من سكان روما وكان لا بد له من كبش فداء أمام شعبه، إما اليهود أو المسيحية الحديثة في روما، ولكنه رغم قناعته بأن زوجته اليهودية كانت المحرضة على حريق روما إلا أنه اختار المسيحية ككبش فداء لجريمته فألصق التهمة بالمسيحيين، فقبض على المسيحيين وعذبهم وسفك دمائهم بتقديمهم للوحوش الكاسرة أو حرقهم بالنيران في جميع أنحاء الإمبراطورية. وسيقت أفواج من المسيحيين لإشباع رغبة الجماهير في رؤية الدماء، وعاش المسيحيون في سراديب تحت الأرض وفى الكهوف.

وأستمر الاضطهاد الدموي أربع سنوات ذاق خلالها المسيحيون كل ما يتبادر إلى الذهن من أصناف التعذيب الوحشي، وكان من ضحاياه الرسولان بولس وبطرس اللذان استشهدا عام 68 م. سادت الإمبراطورية الرومانية الفوضى والجريمة ومات منتحراً في عام 68 م

خلال القرنين الثاني والثالث تأصلت المسيحية بعمق في القسم الشرقي من الإمبراطورية، لا بل انتشرت إلى حدّ ما خارج تخومها. واستمرت الكنائس الثلاث أنطاكية وروما والإسكندرية في تطورها وتنظيمها ولكنها تعرضت في هذين القرنين إلى عشرة اضطهادات كبرى

كان تراجان هو أول إمبراطور أعلن أن المسيحية ديانة محرمة، ولكي يضع حدا لانتشار المسيحية، حكم على كثيرين منهم بالموت، وأرسل بعضا آخر إلى المحكمة الإمبراطورية بروما.

  1. الاضطهاد الكبير

في نهاية القرن الثالث وبداية القرن الرابع، حدث الاضطهاد الكبير الذي جرمت فيه الممارسات المسيحية وسجن رجال الدين المسيحي وذاقوا صورا من أبشع ألوان التعذيب. أمر الإمبراطور دقلديانوس بهدم الكنائس وإعدام كتبها المقدسة، وإلقاء القبض على الكهنة، وسائر رجال الدين، فامتلأت السجون بالمسيحيين، وقتل الكثيرون بعد أن مزقت أجسادهم بالسياط والمخالب الحديدية، والنشر بالمناشير، والتمشيط بين اللحم والعظم، والإحراق بالنار، اتخذت الكنيسة بداية حكمه وهي سنة 284م بداية لتقويم تاريخ الشهداء. وتعتبر اضطهادات دقلديانوس آخر مقاومة للوثنية الرومانية ضد المسيحية، اعتزل دقلديانوس الحكم في 305م.

  1. العالم الشرير

لماذا قبل المسيحيون الاستشهاد برضي؟ كان شهداء المسيحية يقبلون الموت في فرح وهدوء ووداعة تذهل مضطهديهم.

أولا: الحياة الوقتية “لأن الأشياء التي ترى وقتيه وأما التي لا ترى فأبدية”

ثانيا: نحن غرباء في العالم “اطلب إليكم كغرباء ونزلاء“.

ثالثا: لأن العالم قد وضع في الشرير والحياة في حزن وضيق. “ستبكون وتنحون والعالم يفرح”

رابعا: لأن ضيقات وأحزان هذه الحياة تتحول إلى مجد عظيم في السماء “آلام هذا الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد ان يعلن فينا“.

لهذا رسخ شهداؤنا في شهادتهم صخرة الايمان. ومن اجل هذا زهدوا في العالم واشتهوا الانطلاق من الجسد “لكي يكونوا مع المسيح ذاك أفضل جدا“

  1. التحول المثير

قسطنطين ومرسوم ميلان

تربى قسطنطين في بلاط دقلديانوس وهرب إلى بريطانيا وفيها نودي به إمبراطورا على بريطانيا وأسبانيا وغاليا في عام 306م .

في مارس 313م التقى قسطنطين مع ليليانيوس إمبراطور الشرق في ميلان ومن هناك أصدر مرسوم للتسامح مع المسيحيين، عرف بمرسوم ميلان. وبموجبه أعطيت الحرية بالإيمان المسيحي. لكن خرج ليكينوس على قسطنطين وجدد اضطهاد المسيحية لفتره قصيره في الشرق. هزمه قسطنطين عام 323م وأصبح إمبراطور الشرق والغرب وهكذا يعتبر قسطنطين آخر الأباطرة الوثنيين وأول الأباطرة المسيحيين، وبعدها بدأت حقبة جديدة في حياة المسيحيين.

Comments are closed.