” هلم نتحاجج يقول الرب” (أش 1:18) ويقول بطرس الرسول ” مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسألكم، عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف” 1بط 3: 15
لكي نعمل وفق هذه التحريضات، يجب على المسيحي ان يقابل التحدي الذي تضعه وجهات النظر غير المسيحية، التي تدعي أن المسيحية الكتابية غير منطقية، غير علمية وزائفة. الحقيقة أن المسيحية هي أفضل وجهة نظر تعمل في العالم، ذلك لأنها مؤسسة علي الحق.
تشمل جميع وجهات النظر غير المسيحية، جانبا من الحق: فالحركة الإنسانية العلمانية مثلا تعترف بوجود عالم طبيعي. وتعترف الماركسية بأهمية وقيمة العلم. وجميع وجهات النظر غير المسيحية الثلاث –تفهم أهمية خلاص البشر. لكنها تختلف جوهريا مع النموذج المسيحي للخلاص: الرسالة المسيحية هي أن يسوع المسيح هو مفتاح الحق- وليس كارل ماركس، جون ديوي أو شيرلي ماكلين، تقرر المسيحية أن يسوع المسيح هو الطريق والحق والحياة (يو14: 6) ترفض باقي وجهات النظر يسوع المسيح – وبعضها تنكر حقيقة وجوده. هكذا نري اختلافا لا يمكن تجاوزه بين المسيحية ووجهات النظر الزائفة.
هل عاش يسوع المسيح على الأرض منذ ألفي عام؟ هل كان هو الله الظاهر في الجسد؟ هل جاء إلى الأرض ليعلن إرادة الله للإنسان ويخلص الجنس البشري من الخطية؟ توجد أسئلة. تحيا المسيحية الكتابية أو تموت بالإجابة عن هذه الأسئلة. يقول الرسول بولس ” أن لم يكن المسيح قد قام فباطل إيمانكم ” (1كو15: 14).وإذا ما كان الشخص يقبل، الحركة الكونية المسكونية، الماركسية/ اللينينية، الإنسانية العلمانية أو المسيحية الكتابية فإنه يقبل وجهة نظر عالمية، تصف العلاقة بين وجهات النظر التي تشوهت بصورة كبيرة.
هناك وجهة نظر واحدة تصف لنا الأمور كما هي في حقيقتها، جميع وجهات النظر الأخرى مغايرة بالنسبة لطبيعة الإنسان والكون. سرعان ما تصف الماركسية المسيحيين كما لو كانوا ليس فقط مختلفين بل ايضا ضحايا خداع. ورأي ماركس ان كل الأديان كمخدر يخدر تابعيه – ” كأفيون الشعوب” ويصور الانسانيون (الكونيون) والانسانيون العلمانيون، المسيحيين كمجانين.
يعلن جيمس ج دي لويس المدير المساعد للأصوليين أن ” اختبار الأصولي يمكن أن يكون مرضا صحيا، عقليا لملايين الناس”. ويجب شفاء المسيحيين من الخلل المسيحي العقلي ” ويصف هارفر إدوارد “المسيحية ” كواحدة من أسوأ شرور العالم. يفهم تابعو وجهات النظر الدينية الدنيوية أنه إذا كانت افتراضاتهم صحيحة فان وجهات نظرهم التي تنكر ما هو فوق الطبيعية، لابد أنها خطيرة على الصحة وسلامة البشر. تكره النزعة الإنسانية المسيحية لأنها تؤمن بإله العدل والحق،
ويجب أن يفهم المسيحي الكتابي أن وجهة نظره لا تؤيد وجهات النظر الأصولية غير المسيحية في تقديم رؤية معينة عن الحق. تتعارض هذه الفروض الأصولية مع الفروض المسيحية. لا يمكن وجود مصالحة في وجهات النظر على المستوي الأصولي. إما أن يقدم المسيحي وصفا صحيحا عن الحق عندما يتحدث عن الله المحب العادل وعن تجسده وقيامته، أو أن يصير كلامه بلا معني. لا يمكننا أن نوفق حقائق الكتاب المقدس الأساسية مع التعاليم غير المسيحية بأن الإنسان في أساسه صالح وأنه ليس في حاجة إلي مخلص ويمكنه أن يخلص نفسه.
هناك وجهة نظر واحدة صحيحة تصف حقائق الكون – أن يؤمن المسيحيون بأن الله قد خلقهم. هناك وجهات نظر أخرى تصور حقيقة باهتة لمن يعتنقونها، في وقتهم الحاضر، تعترف بالحاجة إلى التعلق بآمال زائفة لتجنب الانحدار إلي اليأس. يشير العالم الإنساني هيربرت تون إلي رغبة الملحدين في التخلي عن العقل. في الصراع المرير في وجهة نظره وهو يعلن:
يصير الشخص العاقل مختلا اجتماعيا. تعني الحكمة أن هذا الشخص مختل تماما في أن يؤمن بحياة لها قيمتها وأن الجنس البشري له قيمته. في الواقع نحن نتحقق ان الحياة هي مجرد عامل ضعيف يصارع الساعة بعد الأخرى وسرعان ما يختفي” لا يتطلب الوضع المسيحي أي خداع يقنع التابعين بأن للحياة قيمتها. يزود المكتوب البشر بوجهة نظر عن الحق الذي يسمح للفرد أن يعمل في تعاون تام مع المجتمع دون أن يخدع نفسه. يعامل المسيحي ” كشخص متميز عجبا ” (مز 139: 14) .
يدرك كل من تابع الحركة الإنسانية العلمانية والماركسي قيمة البشر دون أن يمكنهما تعريف سبب وجودهما. هذه واحدة من التصدعات الأساسية في وجهات النظر الدينية في الحركة الإنسانية
العلمانية علينا ان نميز أي وجهة نظر هي الاتجاه الصحيح نحو الحياة والموت، التصميم والغرض، ثم بحسب هذا الاتجاه نرحب بحياة البهجة أو نركن إلي حياة اليأس. ونظرا لأنه لا يمكن عمل مصالحة بين المسيحية ووجهات النظر المعارضة، علينا أن نفحص الدليل ونقرر ما هو حق. يستطيع الشخص أن يفحص وجهات النظر ويفصل الحنطة عن التبن، الحقيقة عن الخيال. سيتحقق أن المسيحية تقف شامخة على كل مقاوميها.
المكونات الأساسية في وجهات النظر العالمية
في العقيدة. برهان وجود إله شخصي قدوس، كون منظم، أرض معده لحياة الإنسان- أمر يفوق أي جدل إلحادي أو وجودي
في الفلسفة. الإشارة أن العقل يسبق المادة – أمر يختلف عن الموقف الإلحادي بأن المادة تسبق العقل.
في الأحباء. مفهوم الإله الحي واهب الحياة يقدم دليلا أفضل عن أي إعلانات من التكاثر التلقائي والتطور.
في الأخلاق. فكرة أن الصواب والخطأ هي أمور مطلقة مؤسسة على طبيعة أخلاق إله عادل محب شخصي. هي أسمي سواء لاهوتيا أو عمليا عن أي فكر في النسبية الأخلاقية
في القانون. فكرة أن الله يكره تشويه العدالة هي أسمي كثيرا من النسبية القانونية أو للقانون الوضعي.
في علم النفس. فهم الإنسان أنه بطبيعته خاطئ وفي حاجة إلي مخلص تسمو كثيرا فوق التوقع بأن يكون الإنسان في أصله كاملا بلا ذنب.
في علم الاجتماع. تسمو كثيرا الأسرة المكونة من أب وأم وأطفال في الكتاب المقدس. تسمو الأسرة علي أي أعمال من الشذوذ الجنسي والزواج التجريبي…. إلخ
في السياسة. يعتقد الإنسان المسيحي أن الحقوق الإنسانية عطية من الله، تحميها الحكومة، وهي أكثر وقائية قانونية، كاتجاه أخلاقي وسليم سياسيا–عن أي نظرية تتمسك بأن حقوق الإنسان هي من الدولة.
في الاقتصاد. فكرة وكالة الممتلكات الخاصة ومسئولية استخدام الموارد لتمجيد الله أمر أعظم من مجتمع فيه تحطم الملكية الخاصة المسئولية الفردية والباعث على العمل.
في التاريخ. يقينية الكتاب المقدس ووعده بملكوت المستقبل الذي أسسه يسوع المسيح أكثر مصداقية عن أي يوطوبيا غامضة، خطط كونية من أحلام بشر خطاة مائتين. بمعني آخر، في كل نظام تزداد وجهة النظر المسيحية إشعاعا عن منافسيها، هذه حقيقة راسخة تشرح الإنسان والكون بصورة أفضل، ومتطابقة مع الكتاب المقدس ومع العلم، أكثر إقناع ورغبة فكرية. وهي تعلن يسوع المسيح— أعظم الكل في السماء وعلى الأرض.
لا نستطيع – أن نتصور نوعا أخر فيه تتفوق أي وجهة نظر غير مسيحية على وجهة النظر المسيحية. فمثلا ينتج عن–تطبيق مبادئ الاقتصاد المسيحي -الرخاء، تجنب الفقر، بينما ينشأ عن الأشكال الاشتراكية مستويات عديدة من الفقر. وإذ نضع الاشتراكية المسيحية للممارسة ينتج عنها تعاملات قوية لا تشجع على الاتجاهات الاجتماعية مثل إدمان المخدرات، الجريمة، البطالة، الفقر والمرض- بينما نسبب التجربة غير المسيحية الأضرار لوحدة الأسرة وتتسبب في تفكك المجتمع. ونتج عن تاريخ القانون الوضعي- تاريخ حمامات الدم. — لمدة قرنين في الاتحاد السوفيتي– قتل مليون طفل في المدن كل سنة بواسطة الإجهاض. وأهم من ذلك أنه عندما نطبق العقيدة والفلسفة المسيحية ينتج خلاص النفس (مت 16: 26) إنارة العقل واتحاد هدف للحياة.