نبوءات الكتاب المقدس

سيف ذو حدين

  

1. النبوة

عرفت النبوة في جميع البلاد، اللغات واللهجات، غير أن استعمالاتها تعددت.

و تفيد كلمة النبوة معنى الإخبار عن الله، ولذا كانت تطلق على من يتخرجون من المدارس الدينية، حيث كانوا يتعلمون فيها تفسير الشريعة، يدرسون الموسيقى والشعر، لذا كان منهم شعراء وعازفون على آلات الطرب، كما أنه يوجد أنبياء كذبة، حيث يقول الوحي: “الشيخ المعتبر هو الرأس والنبي الذي يعلم بالكذب هو الذنب ( أش 9 -15)، ويقول ويقوم أنبياء كذبة كثيرون، ويضلون كثيرين” ( مت 24 -11)، ويقول أيضا: “لأنه هكذا كان يفعل آباؤهم بالأنبياء الكذبة” ( لو6 :26)،

2. النبي

النبي هو من يتكلم أو يكتب عما يجول في خاطره، بعمل قوة خارجة عنه قوة الله. وتعني النبوة الاخبار عن الله وخفايا مقاصده، وعن الأمور المستقبلية ومصير الشعوب والمدن، والأقدار، بوحي خاص من الله على فم أنبيائه وعرف العهد القديم عددًا كبيرًا من الأنبياء. وكان محور نبواتهم عن مجيء المسيح، والتمهيد لمجيئه، وعن الشريعة الموسوية ومصير اليهود والشعوب المتعاملة معهم والمجاورة لهم. وتكاثر عدد أنبياء في القرن الحادي عشر قبل الميلاد، (1 صم 19: 19-24). وكان همهم تقوية الإيمان بالله وتشجيع الشعب على الصمود في وجه الوثنيين وأصنامهم. وأطلق على طلاب تلك المدارس اسم بني الأنبياء. وكانت مناهج المدارس تشتمل تفسير التوراة وتعلم الموسيقى والشعر.

النبي هو في نفس الوقت “الرائي“ الذي يري أمورًا لا تقع في دائرة البصر الطبيعي، ويسمع أشياء لا تستطيع الأذن الطبيعية أن تسمعها. فكلمتا “النبي“ و“الرائي“ مترادفتان (1 صم 9: 9). فالأنبياء الحقيقيون إنما يتكلمون بما يضعه الله في أفواههم، أو يكشفه لبصائرهم الروحية ( إش 2: 1)، فليس من الضروري أن يأتي كلام الرب للنبي بصوت مسموع لأذنه الطبيعية. ولكن الأمر الأساسي هو أن يكون قادرًا تمامًا على التمييز بين صوت الله وصوت قلبه أو أفكاره الذاتية. فبهذا وحده يستطيع أن يقول إنه يتكلم باسم الرب أو هكذا قال السيد الرب” (حز 4: 16، 7: 1). وفي هذه الحال يدرك أنه لابد أن يتكلم، كما يقول عاموس النبي: الأسد قد زمجر، فمن لا يخاف؟. السيد الرب قد تكلم، فمن لا يتنبأ؟” (عا 3: 8)، لأن كلمات الرب تشتعل في قلبه كنار محرقة إلى أن ينطق بها (إرمياء 20: 7 – 9).

من هو النبي الحقيقي؟

فَقَالَ الرب لهرون ومريم: «اسْمَعَا كَلاَمِي: إِنْ كَانَ بَيْنَكُمْ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَإِنِّي أَسْتَعْلِنُ لَهُ بِالرُّؤْيَا، وَأُكَلِّمُهُ بِالْحُلْمِ،

أَمَّا عَبْدِي مُوسَى …..هُوَ أَمِينٌ فِي بَيْتِي، لِذَلِكَ أُكَلِّمُهُ وَجْهاً لِوَجْهٍ، وَبِوُضُوحٍ مِنْ غَيْرِ أَلْغَازٍ، وَيُعَايِنُ صُورَةَ الرَّبِّ. »( عد 12 : 4 – 6) غالبا ما يعلن الله نفسه للبشر بالرؤي أو بالأحلام

1.يتكلم النبي الحقيقي دائما أقوال الله :

فَإِلَى الشَّرِيعَةِ وَإِلَى الشَّهَادَةِ: وَمَنْ لاَ يَنْطِقْ بِمِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ، فَلاَ فَجْرَ لَهُ. ” (اش 8 : 20)

2.يوبخ النبي الحقيقي خطايا الأخرين. لا ينافق ولا يتملق وَفِي أَوْسَاطِ أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ رَأَيْتُ أُمُوراً مَهُولَةً: يَرْتَكِبُونَ الْفِسْقَ، وَيَسْلُكُونَ فِي الأَكَاذِيبِ، يُشَدِّدُونَ أَيْدِي فَاعِلِي الإِثْمِ لِئَلاَّ يَتُوبَ أَحَدٌ عَنْ شَرِّهِ. صَارُوا جَمِيعاً كَسُكَّانِ سَدُومَ وَأَصْبَحَ أَهْلُهَا كَأَهْلِ عَمُورَةَ. لِذَلِكَ هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ. لاَ تَسْمَعُوا لأَقْوَالِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ وَيَخْدَعُونَكُمْ بِالأَوْهَامِ، لأَنَّهُمْ يَنْطِقُونَ بِرُؤَى مُخَيَّلاَتِهِمْ، وَلاَ يَتَكَلَّمُونَ بِمَا أَوْحَى بِهِ فَمِي» (ار 23 : 14 -16)

3.لا بد أن تحقق كل أقوال النبي الحقيقي

أَمَّا النَّبِيُّ الَّذِي تَنَبَّأَ بِالسَّلاَمِ، فَعِنْدَ تَحَقُّقِ نُبُوءَتِهِ يُعْرَفُ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَهُ حَقّاً». ) ار 28 : 9 )

هذا الإتمام هو الدليل القاطع على أصالة النبوة (تث 18: 21 و22)، فإن لم

تتحقق النبوة، فإنها تسقط إلى الأرض (1 صم 3: 19 )، وتصبح مجرد كلمات

ليس لها معنى، ولا قيمة ، ويكون قائلها كاذبًا غير أهل للثقة. النبي الحقيقي

هو الذي بكلمته يقلع ويهدم، ويهلك وينقض ويبنى ويغرس ” (إرمياء 1: 10، 25: 15 – 17)، وتتكرر الإشارات في العهد الجديد إلى إتمام نبوات العهد

القديم، وبخاصة فيما يتعلق بالرب يسوع المسيح ( مت 2: 14 و17

و18 و23) في حالة الإنذار، ليس من المحتم أن تتم النبوة، فهي إنذار من الله الحي للناس ليتوبوا، ولذلك فهي مشروطة، فإذا تاب الشعب، يكون الإنذار قد

حقق الهدف منه (يونان 3: 3-10) دون إيقاع العقاب.

كما أن الرب يستطيع أن يسحب وعده بالإحسان إلى شعب إذا

أثبت هذا الشعب أنه ليس أهلًا للإحسان (إرمياء 18: 7 –10

يمكنه أن يؤجل العقاب (1 مل 21: 29).

4.يقود النبي الحقيقي الناس إلي التوبة، التواضع، ومحبة اليشر. ولا يقودونهم إلي الاقتتال، الغرور والأنانية

اِحْذَرُوا الأَنْبِيَاءَ الدَّجَّالِينَ الَّذِينَ يَأْتُونَ إِلَيْكُمْ لاَبِسِينَ ثِيَابَ الْحُمْلانِ، وَلَكِنَّهُمْ مِنَ الدَّاخِلِ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ! مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يُجْنَى مِنَ الشَّوْكِ عِنَبٌ، أَوْ مِنَ الْعُلَّيْقِ تِينٌ؟ هَكَذَا، كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تُثْمِرُ ثَمَراً جَيِّداً. أَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيئَةُ، فَإِنَّهَا

تُثْمِرُ ثَمَراً رَدِيئاً. ” ( مت 7 : 15 – 17)

5.يؤمن النبي الحقيقي أن المسيح جاء في جسد بشريتنا وانتصر علي الخطية .

ونحن نستطيع الانتصار علي الخطية بشركتنا مع أبيه وأبينا

وَهَذِهِ هِيَ الطَّرِيقَةُ الَّتِي تَعْرِفُونَ بِهَا كَوْنَ الرُّوحِ مِنْ عِنْدِ اللهِ فِعْلاً: إِذَا كَانَ ذَلِكَ الرُّوحُ يَعْتَرِفُ بِأَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ قَدْ جَاءَ إِلَى الأَرْضِ فِي الْجَسَدِ، فَهُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ.” ( 1يو 4 : 2)

6..لا يملك النبي الحقيقي أية قوة عند التنبؤ، بل تمتلكه قوة الله الخارقة

وَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي أَشْهَدُ الرؤيا الْعَظِيمَةَ، وَقَدْ تَلاَشَتْ مِنِّي الْقُوَّةُ، وَتَحَوَّلَتْ

نَضَارَتِي إِلَى ذُبُولٍ، وَفَقَدْتُ قُدْرَتِي.” (دا 10 :7 )

7.يعظًم النبي الحقيقي المسيح وحده وليس قدرته الخاصة.

شَهِدَ لَهُ يُوحَنَّا فَهَتَفَ قَائِلاً: «هَذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ: إِنَّ الآتِيَ بَعْدِي مُتَقَدِّمٌ

عَلَيَّ، لأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ أَنْ أُوْجَدَ». ( يو 1 : 15)

مركز الانبياء السامي

كان الانبياء من عمادة الحياة في المجتمع . وكانوا، مع الحكماء والكهنة، مستشاري الدولة ومقرري مصائرها زمن السلم وفي الحروب (ار 18: 18 )

وكان لهم اثر كبير في توجيه الشعب نحو الحق. وأسهم الأنبياء إسهامًا كبيرًا

في تأسيس الدولة في العهد القديم وفي صراعها مع الشعوب حولها وكانت نبواتهم على أنواع، كالأحلام (دا 2) والرؤي (اش 6 وخر1) والتبليغ

(1 مل 13: 20-22 ). فالأنبياء مقامون من عند الله (عا 2: 11)

ومعينون منه (1 صم 3: 20 ) ومرسلون من عنده (2 اي 36: 15 )، ويحذر الوحي المقدس من الأنبياء الكذبة (تث 18: 20 )

3 – الأحلام: تبدو الأحلام كظاهرة مشابهة للنبوة، حيث أن الأفكار الكامنة

في النفس، تبرز دون سلطان للوعي أو للعقل عليها، ولكن ، تختلف النبوة عن الأحلام اختلافًا جوهريًا، وذلك لأن ما ينطق به النبي يتلقاه وهو في تمام الوعي، كما أن النبي يتكلم بسلطان وبيقين كامل بأنه يتلقى كلامه من الله ذاته. في نبوة إرمياء نري الفرق الواضح بين هذين الأمرين، فيقول الرب لإرمياء: “قد سمعتُ ما قالته الأنبياء الذين تنبأوا بأسمى بالكذب قائلين: “حلمت حلمت“. “حتى متى يوجد في قلب الأنبياء المتنبئين بالكذب، بل هم أنبياء خداع قلبهم، الذين يفكرون أن يُنسُّوا شعبي اسمي بأحلامهمما للتبن مع الحنطة يقول الرب؟” (إر 23: 25-28). فالفرق بين الحلم والنبوة هو كالفرق بين التبن والحنطة.

4 الوحي: يختار روح الله أدواته حسبما يشاء من كل مكان أو عمر أو جنس، ويعلن عاموس النبي هذه الحقيقة بكل قوة لست أنا نبيًا ولا أنا ابن

نبي، بل أنا راع وجاني جميز، فأخذني الرب من وراء الضأن، وقال لي الرب: اذهب تنبأ لشعبي إسرائيل” ( عا 7: 14 و15)، فهو نفسه لم يختر أن يكون نبيًا، كما لم يكن تلميذًا لنبي، ولكن الرب دعاه رأسًا من عمله اليومي كراع وجاني جميز. وفي نفس الوقت نجد أن بعض الأنبياء كانوا ينتمون للسلك الكهنوتي مثل إرمياء، وحزقيال وغيرهما.

Comments are closed.