الإعلان الخاص

الحق المبين

 

الأخلاق المسيحية و الإعلان الخاص

يعتنق المسيحيون مفهوم الكمال الأخلاقي و يؤمنوا أنه يجب عليهم أن يعلموا أولادهم ذلك. لكن ما نوع الكمال الذي يمارسه المسيحي؟ ماذا ينبغي أن نفعل ؟ كيف يجب أن نعيش؟

المقاييس الأخلاقية الكاملة معلنة في الكتاب المقدس بينما يكون من المستحيل أن يشمل الكتاب المقدس كل المواقف التي تحتاج إلي قرارات ، فإن المسيحي لديه القيم المعينة الكافية و الإرشادات الواضحة ليكون لديه الحواس التي تميز بين الخير والشر في كل المواقف. أعظم تعاليم الله نلاحظها في الوصايا العشر وتعليم الرسل . تعمل هذه كقانون أساسي للبشر لكنها ليست القانون الوحيد المعلن في الكتاب المقدس . جزء كبير من العهد القديم مخصص لوصف قانون الله الأخلاقي.

وبعد تقديم ملخص للنظام الأخلاقي يقدمنا الكتاب المقدس إلي الله المتجسد ، يسوع المسيح، و يصف خدمته    و تعاليمه حتى يستطيع المسيحيون أن يتفهموا جيدا تطبيقات هذا النظام و قمة تعاليم المسيح الأخلاقية تقع في الموعظة علي الجبل (مت 5: 8)

بالنسبة للمسيحي، يأتي التعليم الأخلاقي في الموعظة علي الجبل مترافقا مع النص الأدبي من العهد القديم ، فيخلق نظاما أخلاقيا معينا. كما لو كانت هذه الشريعة غير كافية فإن المسيحيين لهم الدور الكامل في النموذج الأخلاقي في أعمال يسوع المسيح كما هي معلنة للبشر في الكتاب المقدس . يعترف و. ي ليكي الذي لم يعلن أن يكون مسيحيا علي الإطلاق ” كانت أخلاق المسيح ليس فقط أعلي مستوي للفضيلة لكنها أيضا أقوي دافع علي ممارستها”

في الحقيقة فإن الدعوة لاتباع يسوع هي أبسط ملخص لأخلاق المسيحية وفي نفس الوقت أصعب أمر علي الإنسان أن يعمله. كتب ديترتش هوفر الشهيد المسيحي ” في مناسبتين منفصلتين قبل بطرس الدعوة (اتبعني) كانت هذه هي أول وأخر كلمات قالها يسوع لتلميذه (مر1: 17 ) ( يو 21: 22) ”

لا يمكن لإنسان   نتيجة الإعلان الخاص المقدم لنا في الكتاب المقدس أن يجد العذر في عمل خطأ لأنه لم يخبر بما هو صحيح أخلاقيا. نري في الكتاب المقدس القضية الأخلاقية التي لا يمكن أن تنفصل عن الإيمان المسيحي

المسئولية في الأخلاقيات المسيحية

دعي المسيحيون ” تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل عقلك وتحب قريبك كنفسك” (لو10: 27 9 تتضمن هذه الوصية مثل باقي وصايا الكتاب المقدس مسئوليات المسيحيين .

تتطلب هذه المسئولية أن نحب الأخريين اتجاها ليس مجرد عاطفة بل خدمة . إذا كنا نحب الله سنعلن المحبة من خلال خدمتنا لأخوتنا البشر.

يقول كارل ف. هنري ” تتضمن توسلات الرسول يوحنا تعليمات الفادي لتوضيح العلاقة الوثيقة بين محبة الله و محبة القريب ” إن قال أحد أنني أحب الله و أبغض أخاه فهو كاذب . لأنه من لا يحب أخاه الذي أبصره كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره ولنا هذه الوصية منه ان من يحب الله يحب أخاه أيضا (1 يو4: 20-24 ) ” الله محبة ومن يثب في المحبة يثبت في الله و الله فيه” (1يو 4: 16) ومحبة الله هي خدمة البشر في محبة”

هذا الواجب نحو الرفيق الإنسان يتطلب أكثر من تقديم خدمة روحية لحاجات الإنسان أكثر من نفس مصيرها في العالم القديم. يقول نورمان جيسلر ” هو أيضا جسد يحيا في هذا العالم و كمستوطن وقتي في هذا المكان فإن الإنسان سلسلة من الاحتياجات المتصلة: مادية ، اجتماعية والتي لا يمكن فصلها عن الحاجات الروحية … ثم لكي نحب الإنسان كما هو – بكامل كيانه البشري – يجب علينا ان نسد احتياجه الاجتماعي و الروحي ”

لا يستطيع المسيحي أن يعلن أن له إيمان في الله، ووجهته في الحياة والأخلاق تبعده عن الاهتمام بالأمور العالمية. العكس هو الصحيح ( مت 25: 31-46 )   لأن الشخص المسيحي يهتم بتشغيل إرادة الله لخدمة العلم.

عندما نفحص الالتزام المسيحي بمحبة القريب نواجه التزاما أخرا أساسيا وهو واجب المسيحي أن يحب الله. كتب وليم يانج ” الغاية الأخلاقية أو أسمي خير هو مجد الله فى الإعلان بالكلام و الأعمال وفى هذه الكمالات ، خاصة الكمالات الأخلاقية من ساكن الأعالي ، يجد الإنسان سعادته الحقيقية ” واجبنا نحو الله مرتبط مع واجبنا كمسيحيين … من الصائب أن نقرر أن ” الأخلاق المسيحية العبرية تحدد بشكل لا مثيل له الالتزام الأخلاقي كواجب الإنسان نحو الله” . هذه هي قلب و نفس الأخلاقيات المسيحية.

حتمية الخطية

لا يهتم الكتاب المقدس فقط بالنظام الأخلاقي ، لكنه يتحدث أيضا عن وقت فيه يدين الله الإنسان علي سلوكه    و أخلاقياته. في رؤيا 22: 11-15 يحذرنا من وقت سيطرح فيه الكثيرون خارج مدينة الله . في هذا تحذير شديد للبشر . يقول هنري ” المسيحية تعلن أن الله له أكثر من أساس وهدف من النظام الأخلاقي”   ويشرح بالقول

أن المسيحية تتضمن أكثر من نص غير مسبوق علي دينونة الله الحقيقية للتاريخ وتؤكد أن هذه هي حقيقة قاسية للخلل الأخلاقي و العصيان ” أن العالم كله وضع في الشرير” (1يو 5: 19) .   بالتأكد علي حقيقة الخطية      و الخروج علي قانون الله الأخلاقي ، علي الموت المخيف ، علي شرور الشيطان و جنود الظلمة ، تلقى المسيحية النور علي الحقائق المضلة للقرار الأخلاقي”

الحقيقة ، طبعا هي أننا ” كلنا أخطأنا وأعوزنا مجد الله” ( رو3: 23) هذا الاتجاه الفريد في النظام الأخلاقي للمسيحية. يقول د. جميس كنيدي ” عندما يضع الإنسان لنفسه لائحة أخلاقية فهو يضع لنفسه نظاما أخلاقيا يعتقد أنه سوف يتبعه . لكن في قانون الله نجد قانونا يسحق برنا الذاتي ، ويستأصل كل ثقة في صلاحنا الخاص، و يقنعنا أننا أخطأنا يتركنا الله وأيدينا علي أفواهنا ووجوهنا في التراب وننكسر أمام الله ونحن نعترف بأننا مذنبون و متعدون علي قانونه” م هذا الاقتناع بأننا مذنبون هام جدا للمسيحي لكي يفهم تضحية الله العظمي ، عندما أرسل ابنه ليموت نيابة عنا. تتطلب اللائحة الأخلاقية المسيحية منا الكمال ، وأنه لا يوجد شخص أخر حقق هذا الكمال إلا الرب يسوع . فإن هذه اللائحة تشير إلي الإنسان الأول و طبيعته الخاطئة ثم التحقق من أن هنالك الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يخلص هو الشخص الذي لم يخرج عن هذا القانون الأخلاقي – يسوع المسيح. توضح اللائحة الأخلاقية المسيحية الكاملة في اعتمادنا الكامل عليه ببساطة ” أعطي الناموس لكي يقنعنا بأننا أخفقنا في حفظه” وعندما نتحقق من هذا ، يقودنا ذلك إلي نوال الخلاص من الشخص الذي لم يخفق.

لا يستطيع المسيحي أن يستند ببساطة علي المسيح ليخلصه ثم يستمر في طريق الخطأ . لكن ، عندما يفهم المسيحي الذبيحة الكاملة التي عملها من أجله ، لا يستطيع إلا التجاوب برغبته و عرفان الجميل لكي يسير مع الله بالولاء لنظامه الأخلاقي. لا يعني هذا أنه يناضل لكي يعمل إرادة الله . هذه الرغبة في اختيار العمل الصحيح أخلاقيا هامة جدا لأن المسيحي يسير مع الله بكل صدق ” لا يوجد في مكان ما، فى السماء، حين يستطيع الشخص أن يضع اللجام حول رقبة الحصان بكل أمان. لن يكون قانونيا أن تكون أنفسنا ، قبل أن تتحول نفوسنا إلي أولاد الله”  تتطلب الأخلاق المسيحية الولاء التام و الغيرة التي لا تتأرجح لما هو صواب وصالح في نظر الرب . كما قال بولس أنه يجب علي المسيحيين أن يكونوا ” كارهين الشر ملتصقين بالخير” (رو12: 9)

لا يشبه النظام الأخلاقي المسيحي أي نظام أخر . يحتوي كل نظام أخلاقي علي بعض بذور الحق الموجود في ىنظام المسيحي ، لكن لا يوجد أي نظام أخر يمكن أن يعلن أنه الحق الكامل – الذي سلمه الله للإنسان. يجب علينا نحن المسيحيين الذين يعرفون الحق أن يتكرسوا ليس فقط لمناصرة الحق لكن أيضا للحياة بموجبه . صار هذا التكريس نادرا في أيامنا ومجتمعنا.

يسأل بونهوفر ” من يثبت – الإنسان الذي لا يسلك فقط بالمستوي العقلي، بالمبادئ ، الضمير ، الحرية أو بالفضيلة أم الشخص الذي يضحي جادا بكل هذا عندما يدعي للطاعة والعمل المسئول بالإيمان و الولاء الشامل لله. – الشخص المسئول الذي يحاول أن يجعل حياته بكاملها جوابا لدعوة الله. أين يوجد هؤلاء الأشخاص المسئولون؟”

أين هم ؟ هم المسيحيون الراغبون في التعامل مع نظام الله الأخلاقي بنفس الاحترام الذي يظهرونه نحو نظامه الطبيعي، المسيحيون الذين يحبون الله من كل القلب ، النفس ، الروح، العقل، و القوة . يمكن أن يوحدوا في القاعات الحكومية ، واقفين ضد الطغيان و الرق بثبات و في الميدان المرسلي مضحين بكل شئ من أجل الإنجيل. غالبا ما يكون هؤلاء المسيحيين رجالا ونساء عاديين، لكنهم يعيشون حياة غير عادية مظهرين للعالم الإيمان بالمسيح ومستويات الحياة المسيحية. إنه يجب علينا أن نلحق بركب هؤلاء الناس وأن نتحمل المسئولية الأخلاقية

Comments are closed.