أضئ نورا في العالم

نور الفاهمين




“فليضيء نوركم هكذا قدام الناس. لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السموات” ( مت 16 : 5 )

نجد في أماكن كثيرة في عصرنا فنًانين متشائمين غير خلًاقين في عملهم.

يحاولون أن يجعلونا نؤمن بفلسفتهم الهدًامة( لا مستقبل). ينشرون بضاعتهم يوميا للتأثير علينا بالادعاء أن شبابنا لا فائدة منه، أخلاقنا في انهيار، اقتصادنا يتحطم وكل شيء رديء جدا. يصرخون في التلفزيون ويقللون في الصحافة بشدة من قدر البلاد.

لا ننفي وجود مستويات أخلاقية منهارة ومشكلات اقتصادية معقدة هي عصرنا. بدون ايجاد حلول ايجابية، ستنحدر البلاد انحدار رهيبا.

بعض المفكرين قانطين وكأنهم علي وشك الانهيار. لنا مستقبل حقيقي.  نسمع التساؤل الايجابي “ما هو دوري؟” ليس التساؤل القديم اليائس الذي نادي في الماضي” لمادا لا يقوم شخص ما بعمل شيء ما؟

انتهي ذلك التساؤل القديم العتيق وصرنا نسمع في هذه الايام بدلا منه تساؤل العزيمة والجدية ” ماذا يمكنني أن أفعل؟”

قوة الشخص المكرًس

كتب إدوارد إيفرت هيل يقول:

“أنا شخص واحد، كنت وما زلت فردا واحدا. لا يمكنني عمل كل شيء،

لكن يمكنني عمل شيء ما، ولأني لا اقدر علي الكل، لن ارفض عمل  الجزء الذي في امكاني أن أعمله”

هذا يعني  أن المستقبل القومي لن يجد كل الحلول في المكاتب الحكومية أو المنظمات القانونية، لكن توجد قوة هائلة لا توازيها قوة للأفراد المكرًسين الذين يعملون شيئا ما حيث هم. من المدهش أن نري كيف يمكن لشخص واحد يمسك بزمام الموقف أن يؤثر بصورة ايجابية خلاقة وبطريقة أفضل. هذا لأنه يحب بلده ويرغب في تحويل الأخطاء إلي أمور نافعة عظيمة .

في صباح كئيب من عام1875 كان مستر ” لامفير”في طريقه إلي مكتبه

في شارع فولتون- نيويورك. كان يتصحف جريدة” نيويورك تريبون”

في وقت انتشر فيه الذعر والتشاؤم في امريكا. كانت البلاد تعاني من

انهيار اقتصادي شديد اطلق عليه ” الذعر المالي”. أغلقت محال التجارة، انخفضت الأجور، وارتفعت الأسعار جدا. انتشرت البطالة. اصبحت الأحوال مزعجة جدا، لكن لامفير كان مهتما.

من هو لامفير؟

لم يكن قائدا صناعيا عظيما. لم يكن من رجال السياسة الهامين.

كان كاتبا بسيطا في احد اعمال شارع فولتون وكان رجل صلاة.

وتحت حصار الأخبار السيئة، حصل علي الإرشاد الإلهي.  كتب مذكرة لكل من يعرفهم في العمل، يخبرهم أنه سيعقد اجتماع صلاة ظهر كل يوم   في مكتب معيًن في شارع فولتون، ويدعوهم للحضور.

قام بإعداد المكان. وضع عشرين كرسيا في دائرة. في اليوم التالي، كان هناك كرسي واحد مشغولا، لامفير شاغله الوحيد. لكن هذا لم يثن عزمه. صلي في طلب التحوًل العظيم فيه وفي البلاد . انضم في اليوم التالي اثنان…..وثلاثة. ثم في اليوم الثالث، كانت المقاعد كلها مشغولة. اجتمع المصلون اليوم بعد الأخر وسرعان ما بدأ اجتماع صلاة أخرفي شارع “وول”، ثم ثالث في “وليام” وأخر في ” تزودواي”.

وقفزت الحركة إلي أجزاء أخري من البلاد في بوسطن-فيلادلفيا-دينفر- والساحل الغربي والجنوبي. قامت جماعات للصلاة في كل مكان. خلال عامين حضر الاجتماعات مليون شخص جديد في الولايات المتحدة. ومع هذه القفزة العظمي، حدث ارتفاع فجائي في الأخلاقيات،  في التجارة والحياة الاجتماعية للأمة. ثم موجة كاملة جديدة في الرخاء المادي والنهضة الروحية. نهضة لم تشهد البلاد نظيرها من قبل.

تم كل هذا بواسطة رجل واحد، اطلق طاقات الصلاة الهائلة فتغير كل شيء في الأخلاقيات، الاقتصاديات والاجتماعيات أيضا. ألا تنطبق الحالة علي عصرنا؟ مؤكد أنها تنطبق.

نحن نعيش في عدم استقرار. فقد الناس المثل الأخلاقية والروحية وانطرحوا في مستنقعات الرذيلة في أعمالهم، اتجاهاتهم وأخلاقياتهم المنهارة. صارت الخطية أمرا عاديا، بعد أن كانت أمرا غريبا. ساد علي غالبية الناس اتجاه ” التغيير من أجل التغيير” . نتيجة لهذا لا بد من عمل شيء فورا. صارت هناك حاجة ملًحة للتجديد الروحي للأفراد إذا كان علي الأمة أن تعدًل مسارها. نحتاج إلي التثقًل والتكريس مثلما فعل لامفير عام 1857. وسنحصل علي نفس النتيجة التي حصل عليها لامفير. المستقبل يعتمد علينا. علي كل واحد أن يقف بنفسه لمقاومة تيار الشر المعاصر، مقاومة تيار الانحدار إلي الرذيلة.  نقاومها بسلطان التجديد الاعظم.

Comments are closed.