السياسة، الاقتصاد والقانون – كلها أنظمة متصلة – هي اتجاهات في وجهات النظر الماركسية والعلمانية لا تضع في الحسبان أعمال العالم الحقيقي- يحاول اتباع الحركتين أن يراوغوا من مشكلات سيطرة الدولة بالادعاء أن الأساس الحقيقي للمجتمع كامن في الأسلوب العلمي. وأن الإنسان قادر علي استخدام العلم ليميز الاتجاه الصحيح للمجتمع، وأن العلم يزود بالأساس الذي لا يخضع لنزوات الإنسان، ويصير العلم قوة تقود الإنسان إلي المثالية (اليوطوبية). بقول بول كيرتز ببساطة : العلم (الإدراك في المجتمع) هو المصدر الكامل في المعرفة الحقيقة…. يكتشف ويضع أنظمة نموذجية ويساهم في امتداد توازن الحياة. لذلك فإن الامتداد العلمي ربما يكون هو الهدف العلمي الذي علي البشر تحقيقه. يقودنا هذا الحوار إلي فلسفة العلم كوسيلة لتمييز المعرفة، القيم والإرشاد وادعاء المعرفة، يعتمد كل من العلمانيين و الماركسيين علي العلم بصورة كافية متجاهلين علم الآثار حين يؤكد صدق الكتاب المقدس كوسيلة المعرفة. في هذا يعتقدون انهم يعتمدون على معرفة أسمي من التي للمسيحيين. يؤمنون بالأمور المنظورة فقط التي يمكن تذوقها. بينما يؤمن المسيحي بأمور لا يمكن إدراكها بالحواس. لهذا السبب، يصف العلمانيون المسيحيين بأنهم غير علمانيين ويعلنوا ان العلم هو أعظم ما نمتلك. لكن هل من العدالة ان نعترف بمثل هذا الادعاء؟ هل يمكن أن يوجد العلم اليوم إذا كانت وصفات العلمانية والماركسية للحق صحيحة؟
بالطبع لا. لو كانت الفروض الإلحادية والمادية في هذه النظريات صحيحة. كنا نعيش في عالم غير منظم، لا يحمل شكلا مميزا، يتصف بقوانين غير ثابتة، ما كانت لنا حجج ولا قوانين جاذبية و لا طيور تهاجر إلي نفس المنطقة سنويا. ، يمكننا فقط في النموذج المسيحي عن الكون – الكون الذي خلقه الله الكامل— أن نتوقع أن نجد مثل هذا النظام العظيم , والكون المنظم هو الذي يسمح بوجود مكان للعلم.
حقيقة قيام العلم هي شهادة قوية لحق المسيحية، كما يقول لويس فيكتور دي بروجلي” لا نندهش كثيرا من حقيقة أن العلم ممكن” هذا حقيقي بصفة خاصة غيرأن أتباع الحركة العلمانية والماركسية لا يفهمون أنه لا يمكن أن نفهم العلم في مجتمع تسوده وجهات نظرهم كمؤرخين وفلاسفة ويقول ستانلي جاكي ” الإيمان بشخص الخالق العاقل … كما نحصل عليه في منشأ المسيحية… يؤيد وجهة النظر التي فيها أن العالم كان كيانا منظما يدركه العقل، لأن العقل أيضا هو من نتاج نفس الكيان المنظم أي الخالق العظيم الذي عمله. اعتقد ان العلم ممكن لأن الإنسان أمن بالله إله العقل والنظام”
من المؤكد أن العلمانيين والماركسيين لا يقروا بمسئوليتهم عن اكتشاف العلم ولا يمكن أن يؤكدوا ذلك. إنه من السخرية العظمي أن تستخدم نظريات العلم الحديث – القانون الوضعي اعتباطيا، وتبعد وجهة النظر المسيحية، وترحب بالاتجاهات الماركسية واتجاهات الحركة العلمانية ومن الساخر أن نري جيرفون يسرع في إعلان لو كانت الحكومة هي التى تصف لنا الدواء والغذاء، لكانت أجسادنا محفوظة الأن في فرنسا وكان يمنع الدواء كمادة غذائية لحكومة عادلة ومعصومة ايضا عندما تتصدرالأنظمة الفيزيائبة. أرسل جاليليو إلي التحقيق لتأكيده أن الأرض كروية و قد اعلنت أنها منبسطة مثل صفحةمستوية. وكان على جاليليو أن يتخلى علنا عن هذا الخطأ. على أن هذا الخطأ انتصر أخيرا عندما تأكدوا أن الأرض كروية. وأعلن ديكارت أنها تدور حول محورها بواسطة مدارها. كانت الحكومة التي يعيش فيها حكيمة لم تر في هذا أي تحقيق بتهمة قضائية، وإلا كانت تسير السلطة في دوامات. في الحقيقة قد سفه بالدوامات وتأسس قانون الجاذبية الأرضية لنيوتن علي أساس منطقي حتى أن الحكومات جعلت هذا الموضوع أساسيا. هرب الخطأ. فالخطأ وحده هو الذي يحتاج إلي دعم الحكومات لكن الحق يستطيع أن يقف صامدا لذاته”
توسعت وجهات النظر الإلحادية لدرجة أنها تطرفت إلي الانحراف ووضعت له الإمكانية المعرفة في كل شيء ، بما في ذلك القيمة و الحق . يعلن تون: ” البحث عن الحد الأقصى للحق الذي نحصل عليه هو صراع غير منتهى. إنها أهم دارسة نقوم بها. وهذا هو كل ما يدور حوله العالم لقد استفادت الحركة العلمانية من العلم إلي حد فائق للطبيعة – حتى صار الحديث عنه أن له إمكانية فائقة. لديهم الثقة بالأساليب العملية لكي تمنحهم الجواب الصحيح لأي سؤال.
لكن هذه الاتجاهات نحو العلم زائفة، العلم له حدود طبيعية بما في ذلك الحقيقة بأنه في إمكانه أن يزودنا بالمعرفة عن الكون المرئي المادي، أي محاولة لتوسيع العلم فيما بعد هذه الحدود لن تقودنا إلي علم أفضل بل إلي العلمية. وضع الثقة في العلم لكل معرفة شخصية إما أنه يؤدي إلى التثبيت أو إلى طرق معرفة تحت شعار العلم، لكنها طرق ليس لها أساس. تبني الماركسية والعلمانية على خطأ كبير في وصف البرامج الاجتماعية اليوطوبية والأعمال الأخلاقية على أساس علماني. يعيق هذا الاتجاه عمليات العلم الحقيقية، يشرح لأكي : ” ليست العلمية غرضا علميا لكنها تقويض للعلم لغرض غير علمي وحيث أن هذا الغرض قد تثبت، يمكن للعلم الاحتفاظ به ثابتا أي أن يبقي ثابتا في المرحلة الأخيرة”
العلمية هي أيضا تصدع في كل من الماركسية والعلمانية. من غير المعقول أن نطلب أن يزودنا العلم بكل المعرفة. وضع هكسلي في إحدى تصريحاته جذور الطريقة: أزال العلم حجاب الغموض عن كثير من الظواهر لفائدة الجنس البشري لكنه يواجهنا بسر أساسي وهو سر الوجود بصفة عامة , وسر وجود العقل بصفة خاصة. لماذا يوجد العالم؟ لماذا يوجد العالم في هذه الهيئة؟ لماذا توجد اتجاهات عقلية أو موضوعية كما مادية غير موضوعية؟ هذا ما لا نعرفه ”