معرفة غير مؤهلة

راحة المتعبين

لسوء الحظ تتجاهل الماركسية والعلمانية تقرير هكسلي المثير وتتمسك بطرقها. بدون علم للمعرفة عندهم. عليهم أن يتحولوا إلي “الثقة في الصوت العقلي الداخلي” للحركة الكونية هذا لأن نظريتهم مؤسسة علي الاختبار الفردي وحده. لكن إذا تمسكوا بالعلم سيجدوا أنفسهم يضعون الثقة في نظرية معرفة غير مؤهلة أن تتحدث إلى الأنظمة التي تتضمن الأخلاق أيضا.

 يطبق الماركسيون والعلمانيون نظرية التطور والجدل على الأخلاق والسلوك وأن الأخلاق تتطور بتطور البشرية. ونحن نعلم أنه حتى الآن لم توضع قائمة أخلاقية كاملة لحكم الإنسان في المجتمع اليوطوبي. وفي الحقيقة يبتعد الماركسي كثيرا وهو يعلن أن قوائم الأخلاق الحالية برجوازية وشريرة. بهذه المعتقدات يتمسك أتباع الماركسية والعلمانية بأن الأخلاق نسبية ويرفضون كل الأخلاقيات وينظرون إلي قواعد الأخلاق غير المتغيرة علي أنها خادعة مرعبة. يحذر تون من ملاحظة وجود حق مطلق مرسوم في السماء- كما يعتقد الكثيرون- أنه تزييف وخطر علي تطور البشرية

  في الحقيقة تعتبر أفكار تون خطر على التطور البشري. وضع الثقة في العلم والتطور لتزويدنا بأخلاقيات صحيحة في العصر الحالي، ينحدر بالإنسان إلى عدد من الممرات- كل واحد منها منحرف بعمق. إذا كانت الأخلاق نسبية ومبنية علي نظرية التطور، يكون هتلر، ستالين، وماوتسي تونج قديسين في القرن الحالي. طبق هتلر نظرية التطور- خصوصا فكرة دارون عن الانتخاب الطبيعي في الأخلاق ووصل إلى النتيجة (لا توجد ثورة حقيقية، ليس هناك ثورة إلا تطور الأجناس لا توجد ثورة اقتصادية، ولا ثورة اجتماعية ولا سياسية. يوجد فقط صراع بين جموع دنيا مع جموع عليا) طبق فريدريك انجليز العلم علي الأخلاق واستخلص ان الغاية تبرر الوسيلة وهكذا تبررت ننائج ستالين أن ” دكتاتورية البروليتاريا هي سيادتها على البرجوازية، لا يعيفها القانون بل هي مؤسسة على العنف لنوال عطف وتأييد الكتل المكافحة المستغلة” وكانت اول محاضرات ماوتسى للقرويين عقب غزوه للصين ليست عن نظريات ماركس بل كانت عن نشارلز دارون. معظم الماركسيين والعلمانيين يسارعون اليوم إلى إدانة هتلر، ماوتسي، ستالين. لكنهم لا يستطيعون أن يذكروا السبب. لو كانت النسبية الأخلاقية حقيقية وكل حضارة تقرر سلوكها الأخلاقي بنفسها حينئذ يكون هتلر، ستالين، على صواب أخلاقي في عمل ما عملوه على أفضل ما يمكن. وإذا ما حولوا جدول التطور نحو درجة أو اثنين، صفقت لهم العلمانية والماركسية. وهناك نتيجة رهيبة أخرى على العلمانيين أن يقبلوها عندما يحاولواا وضع أساس أخلاقي علي العلم- يلخصها هنري المر بارنز. يؤكد أن فردا له عقل ذ كبي يمكنه أن يستخدم الأسلوب العلمي لتأسيس الأخلاق ويستخلص هذه النتيجة المنطقية: نستطيع أن نقول أن وجود شخص ذكى جدا هو في نفس الوقت له الأخلاق بالمعني العلمي لهذا المصطلح …. يجب أن يكون من الواضح لأي مفكر ومتعلم أن الأخلاق لا تنفصل عن الذكاء، بل تعتمد بالتمام وبالكامل على الذكاء والثقافة العلمية أكثر من أي جانب أخر من فكر الإنسان.

 تأخذ هذه النظرية الطابع الفاسد عندما يتحقق الشخص أنها تمنح هؤلاء الناس الذين يعرفون بالأذكياء من المجتمع نظام السيادة الأخلاقية. بالاضافة إلي ذلك تمنح هؤلاء الناس أن يملوا علي باقي أفراد المجتمع الأقل ذكاء الصواب و الخطأ. يعترف بارنز: ” التنوع الكبير في القدرة هو أهم حقيقة في الجنس البشري يبدو أنه توجد أنواع معينة من السلوك غير ضارة بالنسبة للعضو المقتدر في المجتمع وهي في الحقيقة مرغوبة ونافعة”

أصاب – الاعتقاد بأن بعض البشر يدركون دائما أفضل من الأخرين، بصرف النظر عن الاهتمام الفعلي بالأخلاق – مجتمعنا بالجروح. يسمح الدكتاتور بالقيام بأعمال عنف لا توصف. شجعت الأم على ان تقرر ما هو صائب لطفلها الذي لم يولد بعد حتى إن أدي هذا إلي الإجهاض، ان يعرف الأطباء أن يتخذوا قرارا عندما يكون شخص ما مريض بمرض مزمن. انه يرغب في ان يموت – وأن الوالديه المخططة تعرف الوسائل الصحيحة لتعليم الجنس لأطفالنا (ولا يحدث في هذا تضمين للتحريض الكتابي بالامتناع عن الجنس حتى يتم الزواج) ونتائج مثل هذه الأخلاقيات هي القتل في أوكرانيا والانتشار السريع لوباء الإيدز. يقول وليم ستانير ” الأخلاق الجديدة تجعل من الممكن ان يكون الشخص محبا للإنسانية مثل ماركس أو لينين وأن يكون كارها عاطفيا للبشر”5 بحسب هذه الرؤيا الأخلاقية، يصير من المعقول قتل الملايين البورجوازيين أو ملايين الأطفال حيث أنهم عقبة لمسيرة البشرية نحو اليوطوبية

 ومن الطبيعي أن يرفض أتباع الحركة العلمانية والماركسية الحديث عن النتائج المدمرة لأخلاقياتهم. في مناقشة الأخلاقيات يفضلون استخدام مصطلحات ايجابية مثل العدل، المحبة والشجاعة لكن عندما يسألون عن الأسس المحددة لهذه المفاهيم يتعثرون، لا يستطيع العلم أن يكشف أسسا لها معني لهذه المصطلحات أكثر من شرح علاقة الشهوة بين الرجل والمرأة. ولهذا، رغم الوقوف ضد القوانين المطلقة والأخلاق التقليدية لا بد أن تعود وجهات النظر العلمانية إلى شكل ما بين الأخلاق المسيحية وهي تناور حول مقترحات أخلاقية معينة. يحذر العالم الإنساني العلماني ه. ج. ايزنك ” في رفض الدين بالكامل قد تلقي العلمانية بالطفل الأخلاقي مع حمام الماء فوق الطبيعي” ويحاول لامونت استعادة أخلاق المسيحية بينما يهمل أسسها ” أي فيلسوف ثاني لابد أنه يتضمن المثل العليا الوا ردة في العهد الجديد مثل الأخوة الإنسانية، السلام على الأرض والحياة الأفضل. وتوجد أيضا الحكمة الأخلاقية بصورة كبيرة في العهد القديم في الوصايا العشر. بدون قبول أي مبدأ أخلاقي كمعتقد ديني لا تساؤل فيه، فإن تابع العلمانية يعتقد في الوصايا الكتابية مثل ” لا تشهد على قريبك شهادة زور” يبدو هذا جميلا لكن لامونت يدرك مؤكدا أنه في غياب وجود الله كل شيء يبدو مسموح به، بدون إدراك طبيعة الله الكاملة كأساس أخلاقي تتعثر الأخلاق. تعترف ويل دورايت “لا نجد أنه من السهل صياغة أخلاق طبيعية بقوة كافية للتمسك بقواعد ونظام الأخلاق الاجتماعية. بدون تأييد المقومات فوق الطبيعية كا لرجاء والخوف” يجيب فرانسيس شوفير ” عمل هذا ليس من الصعب فقط بل هو مستحيل”

هل قام العلم بدور في تكوين أساس الأخلاق الكتابية؟ بالتأكيد لم يقم. طبيعة الله هي أساس الناموس والأخلاق المسيحية. نتيجة هذا، تتناسب نظم المسيحية القانونية والأخلاقية مع الحقيقة، وتزودنا بدليل أصيل عن الإنسان الذي يبحث في عمل الصواب. يشير شوفير إلى أن أحدي المميزات الملحوظة هي أن: لنا الله الذي له شخصية وأخلاق و لا يساويه شيء و بسبب هذا لنا الحق المطلق “تقاوم انظمة الأخلاق الحالية الله وتشجع الشرير علي تحطيم الغيرية الإنسانية والكرامة وتساعد علي قيام معسكرات التعذيب المشهورة والسجون. بينما وضعت العلمانية والماركسية أنظمتها الأخلاقية في رفع الرمال وتربية أعمال تساعد البشر للتقدم نحو اليوطوبية، تؤسس المسيحية أخلاقياتها علي طبيعة الله الغير متغيرة، علي نظام أخلاقي يعكس طبيعة الله ويفهم أن أسمي دعوة للإنسان هي الخدمة (مر 10: 43- 45 و رو7: 4-6).

Comments are closed.