العمل المرسلي 2

كنيسة القديسين

إنه من المريح أن نفكر أن العالم قد وصلته الكرازة وأنه ليس هناك احتياج إلي العمل المرسلي. لو كان الأمر كذلك لجاء الرب لينقي الحنطة إلي بيدره ولطرح الزوان إلي الحريق (مت24: 14 ، 2بط3: 3-9 ). لكن الرب لا يزال منتظرا لكي يسمع الكثيرون الذين يعيشون بدون المسيح رسالة الإنجيل ويستجيبوا لدعوته. يوجد أكثر من 5 بلايين نفس تعيش علي كوكب الأرض في الوقت الحاضر. عدد المؤمنين المولودين من الله يتراوح بين 200 إلي 300 مليون شخص. يوجد أكثر من بليون مسيحي بالاسم. . سواء بالنسبة لهؤلاء أو لأولئك فإنه لا يزال يوجد عدد هائل يحتاج إلي هذه الأخبار السارة . توجد جموع غفيرة في الدول الإسلامية ، في أسيا، الهند، أوربا وأميركيا الجنوبية. توجد أقطار ليس فيها شخص واحد يؤمن بالمسيح. مئات من المجتمعات الغربية تعيش حياة دنيوية مغلفة بتعاليم كاذبة. جموع كثيرة تجهل الكتاب المقدس مثل القبائل الوثنية في أقصى الأرض. أكثر الفئات تقبلا للرسالة هم الشباب. نحو50% من السكان شباب أقل من 25 سنة و توجد أعداد كبيرة من الطلبة والعمال الذين لم يسمعوا عن الإنجيل مطلقا. يتردد بيننا الفكر بأن يحمل المؤمنون الوطنيون المسئولية للوصول إلي شعوبهم . تكن القادة المثقفين بين هؤلاء الوطنيين أعلنوا أنهم في حاجة إلي مرسلين أكثر من دول وكنائس فى إمكانها أن نرسل لها خدام مدربين.

 من بين الاحتياجات في الحقل المرسلي في الخارج الحاجة إلي قادة مدربين ( بما في ذلك التلمذة العملية) الحاجة إلي من يكرزون للمتهاونين و المتهورين، الحاجة إلي مطبوعات جيدة للمثقفين، شرائط كاسيت، مترجمين للكتاب المقدس، عاملين بين طلبة الجامعات. الحاجة إلي خدام معلمين، يدربون الوطنيين علي المشاركة معهم ثم يتركون لهم الإدارة. إذا نظرنا إلي الأموال التي تعطي للوطنيين هناك ، نرى أنها في الغالب تسبب ضرا علي المدى البعيد. يعتمد الوطنيون علي المال الذي يرسل” كدعم حر” لهم و يتساهل قادة الكنائس الوطنية في محاولة الاستقلال المالي.

 يشير البعض أن هناك بعض الدول التي لا تقبل مرسلين في بلادها . حدثت متاعب كثيرة في الفترة الأخيرة في الحصول علي تأشيرات دخول المرسلين لبعض البلاد. لكن توجد بعض الطرق التي بها يمكن للمرسلين الدخول إلي البلاد الأجنبية عندما لا يعلنون أنهم مرسلون. لم تمنع هذه العوائق الكهنة الكاثوليك وخدام آخرين من دخول تلك البلاد. يحتشد أمام الخطوط الجوية رجال التجارة، الحرفيون، الطلبة والزائرون الذين يرغبون في الذهاب إلي كل مكان اليوم في مجتمع “العالم الواحد.”. لقد فتحت دول كثيرة الباب علي اتساعه لجذب الزائرين إليها. يستخدم الله كل الوسائل المتاحة للوصول بالإنجيل إلي كل شعوب الأرض.

عوائق العمل المرسلي المؤثر.

 لا تبدو هناك مشكلة في نقص الفرصة أو الاحتياج. لم يغير الرب مضمون الإرسالية العظمي لهذا العصر. لكن توجد هناك عوائق. يمكن تحديد المشكلة الحقيقة تحت عنوانين: مشكلة العالم المتغير، ومشكلة الكنيسة الضعيفة. توجد في العالم متاعب خطيرة لكنها ليست غير قابلة للهزيمة.

1-يوجد ضعف في الإيمان بالكمال الروحي والأخلاقي.. الفرق بين ما هو حقيقي و ما هو زائف. الصائب والخاطئ، إنكار المبادئ و عدم فهمها. قواعد النسبية التي تنادي بأن الحق الأخلاقي ليس له أسس ثابتة و ببساطة أنه لا يمكن لأي مجموعة من الناس أن تؤمن به أو تقرره لنفسها. لكن عقولنا المحدودة لا يمكنها أن تجزم بأننا نعلم أي شئ باليقين، لذلك من هو الشخص الذي يستطيع أن يقرر الصواب من الخطأ بطريقة كاملة؟ تنكر هذه النظرية البشرية القاتلة سلطان الله وكلمته.

2- هناك نظرة أخري هي النظرة الدنيوية وهي مرتبطة بالنظرة السابقة. تقرر هذه النظرة أن الله ليس له علاقة بحياتنا الدنيوية المحدودة بالزمن. كل ما يهم في الحياة هو الحياة من أجل الحاضر فقط في هذا العالم. يرافق الاتجاه المادي هذه النظرة. تقترح المادية أن أسمي خير يحصل عليه الإنسان هو امتلاك الأشياء و إشباع الرغبات المادية والنفسية. تعتبر الشيوعية أحد أشكال هذه الفلسفة متخذة شكلا أكثر حدة وخطورة. يعتنق بعض المؤمنين نظريات مادية وهم يعيشون بين ممتلكات متكاثرة و لا يقدمون الخدمة المطلوبة للرب. ينادون في نفس الوقت بأنهم يؤمنون بما يعلمهم الرب. لكن حياتهم تتعارض مع معتقداتهم.

3- الفلسفة الإنسانية. وهي نظرة فيها خطورة شديدة متزايدة ومستمرة وهي تتضمن أيضا علم النفس البشري. نري هذه النظرة بين المثقفين بصفة خاصة. تنادي الفلسفة الإنسانية بأن اٌلإنسان هو مركز الخير في الحياة. لا يهتم أتباع هذه الفلسفة ولا يقبلون خطة الله في حياتهم. في تطرف هذه الفلسفة يصير الإنسان إله نفسه و صاحب السلطة المطلقة.

4- الديانات الكاذبة. أشكال لا تحصى، سريعة النمو والانتشار. تخدع الإنسان في بحثه الروحي عن المعني و الكفاية في الحياة. تقدم له الزيف والضلال علي أنه حق. يضع المعلمون والأنبياء الكذبة نظام خداع متصاعد لصيد الملايين. و تصنع هذه الديانات مرسلين متشددين من داخلها. ومن المؤسف أن يكون هؤلاء المرسلين أكثر نشاط من تابعي الحق في بعض الأماكن.

5- الدعاية الموجه ضد المسيحية. هناك مد هائل لهذه الدعاية ضد الإيمان المسيحي ، الذين يعتنقونه في كل العالم. تنمو أساليب الدعاية عن طريق التلفزة. تصور اقتباسات كتابية يعرضها أشخاص متطرفون و متعصبون وهم يدعون أنهم يمثلون الإيمان المسيحي.

أما مشاكل كنيسة” العطلة الأسبوعية” فهي أخطر الكل. نحتاج أن نصحح هذه الأوضاع حتى يكون لنا توسع صحيح في العمل المرسلي.

1- يوجد عجز في عدد، نوع، وتعضيد المرسلين. يرجع مرسلون كثيرون من الحقل وهم يعتزلون العمل المرسلي أكثر ممن يذهبون إليه.

2- يوجد عجز في النظرة العملية إلي الضالين والهالكين. وضرورة الوصول إليهم بالإنجيل. يتمسك المؤمنون بالمعتقدات الكتابية، يرددون الآيات ويحضرون الكنائس في أعداد متزايدة، مع هذا يعيشون دون تثقل ببلايين البشر الذين يموتون بدون المسيح في أماكن أخري في العالم.

3- لم يتعلم المؤمنون أن يطيعوا المسيح ويتبعوا كل تعاليمه. ويختارون المناطق التي تروق لهم إذا كان لهم الرغبة في العمل المرسلي.

4- الانغماس و المساومة مع المستويات العالمية. يسرق هذا الأمر القوة الروحية من شعب الكنيسة. وتعتبر المسيحية الاسمية- أشخاص مسيحيون بالاسم فقط- مشكلة أعظم مما تدركه الكنيسة الإنجيلية. في هذه الكنيسة لا يوجد اهتمام بالحياة المضحية من أجل المسح وملكوته.

5- العالمية أو الشمولية. هناك اعتقاد متطور بهذه النظرية التي تنادي بأن الكل أو علي الأقل معظم الجنس البشري سيخلصون برحمة الله.

6- التوفيقية. التي تربط العادات والممارسات غير المسيحية مع العناصر الكتابية. تنادي بتوفيق غريب لمعتقدات متناقضة. فيها إساءة لفهم المكتوب وهى تقارنه مع الأفكار غير المسيحية. لا يستطيع السامعون أو القراء التمييز بين هذه بوضوح، فهي تخلط الإيمان المسيحي مع عناصر زائفة وتلغي الحاجة إلي الكرازة بسبب الخلط بين الحق والباطل.

 أعمال أساسية مطلوبة من الكنيسة من أجل العمل المرسلي الناجح.

 يمكن أن يكون للكنيسة المحلية قوة حية في العمل الكرازي إذا كرست نفسها له. خطوة البدء هي أن تصبح الكنيسة حية، كارزة، متلمذة بعمل الروح القدس المحي مثلما عملت كنيسة انطاكية سورية من زمن بعيد. لا تعتبر الكنائس الفاترة أو المرتدة أساسا مؤثرا للخدمة المرسلية. تبدأ الكنيسة في النجاح بهذا الأساس. و يتطلب الأمر خطوات أخري.

1- التصميم علي أن ترسل الكنيسة فعلة مزودين بقوة الروح إلي الحقل المرسلي. عندما يتقرر هذا الهدف يكون احتمال حدوثه مرتفعا.

2- إقامة فعلة يعملون في الكنيسة وليس استيراد فعلة من الخارج. وضع رؤية كرازية للعالم، تقديم تدريب عملي داخل الكنيسة للمؤمنين لكي يثمروا في ربح نفوس للمسيح. تطوير مجموعة من الفعلة المؤثرين و تشجعيهم للخروج إلي العمل المرسلي.

3- الاحتفاظ بالعمل داخل الكنيسة مع الاهتمام بالعمل المرسلي. يوضع العاملون في الخارج موضع الاهتمام. أن تقدم الكنيسة الرسائل التي تدفع الكثيرين إلي العمل المرسلي .وأن تتأسس مجموعة صلاة لأجل الإرساليات تشارك بالمعلومات وتصلي لكي يرسل الله فعلة للحصاد.

4- تشجيع واختيار أعضاء لأداء العمل. يمكن تقديم برنامج مختصر أثناء الصيف أو لمدة عام واحد ليوضح كيف يعتاد الأعضاء علي الحقل المرسلي وكيف يخدمون بنجاح. لا يجب أن ترسل الكنيسة أشخاصا لهذا الغرض ما لم يكن لهم برهان عملي على فاعلبتهم في الكنيسة المحلية.

5- تدعيم الاعتماد المالي لتشجيع العاملين. سوف يبتهج العاملون باستلام هذا الدعم ويؤدون عملهم بنشاط. يجب زيارة العاملين لتشجعيهم وملاحظة أسلوب عملهم و مقابلة الاحتياج.

  شجع الرب يسوع كنيسة فيلادلفيا المحلية– فيلادلفيا حاليا مدينة في تركيا- رؤ3: 8 . قال لملاك الكنيسة ” هاأنذا قد جعلت أمامك بابا مفتوحا ولا يستطيع أحد أن يغلقه لأن لك قوة يسيرة وقد حفظت كلمتي.”

جعل الرب أمامنا اليوم في كنائسنا بابا مفتوحا للعمل المرسلي في مناطق الاحتياج الشديد. وهو وحده الذي يستطيع أن يغلقه لكنه لم يفعل هذا بعد. لنا قوة يسيره و يمكن أن تصبح كبيرة إذا صممنا علي طاعة كلمته بالأخص في هذا الأمر.

رفض يونان قديما أمر الرب له في أن يذهب إلي نينوي كمرسل رغم وضوح الرؤيا له. عاقبه الله علي عصيانه، ثم استقام سيره. كانت النتيجة هي نجاح المرسل بين الآشوريين. سوف يبارك الله في الوقت الحاضر الكنائس التي تسمع صوته وتنشر الإنجيل في العالم. الكنائس التي هي تنوب عنه في تحقيق رغبته في الوصول إلي البعدين في أقصى الأرض . وسوف يضع الرب يسوع تقييمه لهذه الكنائس مثلما وضع تقييمه لكنيسة فيلادلفيا و الكنائس الأخرى في الكتاب المقدس. ليتنا لا نوجد ناقصين في هذا المجال عندما يتم تقييمنا أمام كرسي المسيح.

Comments are closed.