العمل المرسلي 1

كنيسة القديسين

تعتبر الرؤيا المرسلية جزءا متمما للإيمان المسيحي. دورنا هو الإيمان المرسلي، الإيمان الكرازي. لم يدعنا الله أن نكون جمعا من الناس يمارسون أخلاقيات خاصة، أشكال حضارية ودينية فقط . لكنه أيضا أوصانا ” أذهبوا إلي العالم أجمع وأكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها” (مر16: 15) إذا أظلمت هذه الرؤية أمامنا أو اختفت عنا، سنفقد النظر إلي أمر بالغ الأهمية في تعاليم الرب يسوع. حقل خدمتنا هو العالم كله.

 علينا التزام لتحقيق هذه الرسالة بأسرع ما يمكن. حذر الرب الذين كانوا يسمعونه بقوله” الذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد” هؤلاء الذين يعيشون بدون المسيح هم بلا رجاء وبلا إله في العالم (أف2: 12) جاء الرب لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية (يو3: 16) كان من الضروري أن يأتي ويبذل نفسه ليخلص ما قد هلك ( لو19: 10). كان المسيح هو أول مرسل جاء من السماء إلي الأرض. جاء إلي هذا المكان الشرير لكي يخلص الخطاة

أعطي الرب رسالة لشعبه—لكنيسته– حتى تشارك الرسالة مع العالم “كما أرسلنى الأب هكذا أرسلكم أنا.” وهي نفس كلمات المسيح لنا نحن الذين نتبعه ( يو20: 21) يجب أن نرفع عيوننا وننظر إلي الحقول لآن الحصاد قد ابيض (يو4: 35). يجب أن تكون لنا الرغبة ألا يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلي التوبة (2ط3: 9). الكنيسة هي عامود الحق و قاعدته (1تي3: 15) لهذا يجب أن تكون الكنيسة هي المقر الرئيسي لكل عمل مرسلي. . يجب أن تقدم الرؤيا، للعاملين، الأعمال، الصلاة، الجهد المستمر لإعالة كل مرسل يشق طريقه إلي أي مكان علي الأرض. لم يفوض الله الكنيسة بأن تسند العمل المرسلي إلي منظمات أخرى. تأسست الكنيسة بكل صورها المحلية، وفوضها الله لكى تكون النائب المنفذ له علي الأرض. لكننا نعلم أن جهودنا المحلية والدولية في الكرازة غير كافية. لا تكفي هذه الجهود الحاجة الشديدة في العالم كله.

 الكنائس المحلية والعمل المرسلي.

ما المقصود من ” الإرساليات والمرسلين؟” المرسل الحقيقي هو ابن لله مدعو للعمل مع شعب أخر ليس لديه معرفة دقيقة عن خلاص الله – الخلاص المؤسس علي كلمته. فالإرساليات، خصوصا، التي تعمل في بلاد أجنبية، هي الحقل الذي فيه يحاول المرسلون أن يصلوا للناس ويكرزوا لهم بالإنجيل. إذا كان أمر المسيح “أن يكرز بالإنجيل للخليقة كلها” لا يزال أمرا قويا في وسطنا اليوم، حينئذ تصير القضية موضوع طاعة الرب. إذا كانت الكنيسة هي شعب الله الذي ينوب عنه علي الأرض، حينئذ ينطبق الأمر علينا. يقودنا هذا إلي هذا السؤال: ما مدى اشتراك كنيستي المحلية في طاعة الرب؟ وفي تنفيذ هذا العمل الكرازي؟ يوضح التاريخ أن الكنائس المحلية كانت دائما هي الأساس الذي منه أنتشر الإنجيل. في سفر الأعمال، يوجه الكتاب المقدس نظرنا إلي كنيسة انطاكية سورية كنموذج للرؤيا المرسلية الأولي (اع11: 19-30 ، 13: 1-4 ). عمل بولس وبرنابا في هذه الكنيسة باجتهاد في تدريب المتجديدن الأخريين. كانت كنيسة إنطاكية كنيسة روحية نامية، ساهمت كثيرا في العمل المرسلي. . تخرج منها عدد كبير من المعلمين الأتقياء. أعلن الروح القدس أن يفرز برنابا و شاول للعمل المرسلي خارجها ( أع13: 1-4). قامت الكنيسة بتزكيتهما لهذه الخدمة (اع14: 26). لم تكن هناك منظمات وسيطة في العمل. لم تفرض تعهدات لتعضيدهما ولا ضمانات لهما. اعتمدا علي الله و عضدهما مؤمنو الكنيسة.

 في العامين الأولين أسس هذين المرسلين على الأقل أربعة كنائس (أنطاكية بسيدية، لسترة، أيقونية و دربة) بالإضافة إلي جزيرة قبرص كلها. أرسل الرسولان الأخبار إلي الكنيسة الأم المسئولة عنهما ( أع14: 27) لم يتدخل هيكل كنسي ( كمنظمة منفصلة) في هذا لخط من المسئولية.

أستمر النشاط المرسلي يتدفق من الكنائس المحلية الأولى لمدة قرون. ولسوء الحظ سادت السيطرة الإدارية في الكنائس المسيحية بواسطة اساقفة مركزيين يعلمون في مراكز الإدارة. لم تساعد هذه الأمور علي نجاح العمل المرسلي الأصيل. نتيجة لهذه التنظيمات الكنسية ضعف العمل المرسلي في الخارج. جاءت النهضة بعدة قرون. وبدأت جماعة صغيرة، تضطهدها الكنائس الرسمية الكبيرة، تعود إلي تجديد الرؤيا الكتابية للخروج للعمل المرسلي. بين الذين يعيشون بدون المسيح في أقصى الأرض. من هذه الجماعات جماعة هيرينهت الألمانية بقيادية زنزندورف. أرسلت هذه الجماعة الصغيرة عددا من المرسلين إلي أماكن بعيدة في العالم كله. كانت مثقلة بالخطاة بعمق. أستمر تأثير هيرينهت لمدة قرون. عملت هذه الجماعة العمل الكثير في الميدان المرسلي. وفي خلال القرن19 حدثت نهضة عظمية أثمرت عن يقظة روحية عامة بين الناطقين بالإنجليزية. نشأ عن هذه النهضة اهتمام بالخطاة في البلاد البعيدة. أ يد لله هذه الجماعات التي كانت لها غيرة شديدة للوصول إلي الذين لم يسمعوا الإنجيل من قبل. قامت محاولات مرسلية نتيجة ما كان يسمى ” إرساليات الإيمان المستقلة” وجماعات أخري منفصلة أكثر مما خرج من الكنيسة المحلية .

Comments are closed.