أعلن شوان لاي “نحن الشيوعيون ملحدون” في مؤتمر باندونج في أبريل 1955. أوجز القائد الصيني المقومات الدينية الأساسية للماركسية اللينينية في عبارة واحدة. واليوم يفضل الماركسيون واللنينيون كلمتين وهما “الإلحاد العلمي.”
ومنذ أيام الجامعة في عهد كارل ماركس إلى الوقت الحاضر – تمسك المتحدثون الرسميون بمضمون عقيدتهم عن الله – كالإله السائد- الخالق أ والحاكم غير الموجود و لا يمكن أن يوجد و يجب أن لا يوجد.
ويعتبر الله هو العائق والعدو لوجهة النظر العلمية، المادية، الاجتماعية. ويصر لينين علي أن فكرة وجود الله تشجع الطبقات العمالية(البروليتارية). و أنها تقلل من مؤسساتها عبئها الاستعبادية الاقتصادي المرعب و هي نوع من ” الرهبنة البوذية الروحية ” في مرفأ خرافي” و أن مجرد رشفة واحدة من هذا المسكر ينقص الحماس الثوري الضروري لإبادة الطبقة الظالمة (البورجوازية) و يجعل الطبقة العاملة تضل عن فرصتها الوحيدة في خلق مرفأ بشري حقيقي علي الأرض: الشيوعية الكونية.
نظرة مختصرة علي كارل ماركس (1818- 1883)
1836 – التحق بكلية Young Hegelians في جامعة برلين
1848 – شارك في كتابة البيان الشيوعي مع فردريك انجليز
1854 – بدأ يشارك بكتابة مقالات في نيويورك ديلي تربيون
1864 – ساعد في تأسيس أول منظمة شيوعية دولية ” منظمة العمال”
1867 – قام بتحرير داس كابيتال ” Das kapital ”
1881 – وفاة زوجته جنى التي كان يحبها منذ صباه
1883 – مات و لم يحضر جنازته إلا عدد قليل من الناس.
معتقدات ماركس الدينية
” الدين أفيون الشعوب “، كان تطورا جديدا في فكر كارل ماركس. أعلن هذا الفكر الإلحادي في الميدان العام للفلسفة وليس في الاقتصاد أو الاجتماع. عندما صار ماركس ملحدا في جامعة برلين لم يكن يفكر في قيمة أعظم أو ديكتاتورية البروليتاريا، كل ما كان يفكر فيه هو فلسفة برومثيوس، جورج هيجل، برونا بوير ، دافيد ستروس ولودونج فيرباخ.
قال كارل ماركس:” الفلسفة تضع سرا في ذاتها. إننى أكره إقرار ببروميثيوس في التلطف مع كل الإلهة، شعاره الخاص ضد كل الإلهة ، السماوية أو الأرضية التي لا تعترف بإدراك الإنسان كأعظم تأليه . لا يوجد إله يقابل ذلك”
في كتابات يونج هيجلانز التي تضمنت أفكار لودنج فيرباخ ، ارنولد روج ، ماكس سيتمر ، موس هيس و فردريك انجليز ، صار كارل ماركس ملحدا. واعتنقت الجماعة الإلحاد و أعلن فيرباخ ” الأمر واضح وضوح الشمس و جلي مثل النهار أنه لا يوجد إله و أكثر من ذلك أنه لا يمكن أن يوجد إله”
وقبل ماركس هذا الاستنتاج بأن الله موضوع من عمل الفكر الإنساني و تفاخر بالقول “الإنسان هو الكائن الأسمى للإنسان” و يشرح ماركس أن وجهة النظر هذه تشير إلي موت كل الأديان. ” ينتهي نقد الدين بأن الإنسان هو اسمي كائن للإنسان.”
و يعتبر ماركس أن الإنسان هو الله . وأن الإنسان خلق إلهه علي صورته الخاصة وأن الإنسان هو الذي خلق الدين لكي يعبد نفسه . فكرة أن الله هو مجرد اختراع الإنسان متضمنة في تأكيد لماركس و أن الإنسان ” يتطلع إلي كائن أعلى في الحقيقة الخيالية عن السماء ولم يجد هناك شيئا إلا انعكاس لذاته”
و حيث أن ماركس يؤمن أن الإنسان هو الله ، فهو يؤمن أيضا أنه يجب علي الإنسان أن يسيطر علي الحقيقة وبشكلها بحسب مواصفاته هو و يقول” قام الفلاسفة بتفسير العالم بطرق عديدة – لكن الهدف هو تغيير العالم” 7 وإذ استقرت مؤسسات المجتمع علي الإلحاد، قرر ماركس تغيير كل المؤسسات الاجتماعية و إعادة تأسيسها علي الأسس الإلحادية لأجل تحقيق هذه الرؤية، طالب ماركس و انجليز في “البيان الشيوعي” ” بتغيير كل الأنظمة الاجتماعية الموجودة بالقوة ومن المهم ملاحظة أن هذا النداء تأسس علي عقيدة ماركس الإلحادية و ليس علي ملاحظة اجتماعية نزيهة نسجت نظريات ماركس الاقتصادية ، بل نسجت كل وجهة نظر الماركسية علي عقيدة ماركس
معني العقيدة في النظرة الماركسية:
بذلت بعض المحاولات للتقليل من دور النظرية الروسية بالأخص) في تجنيد المسيحيين السذج وبعض الأشخاص المتدينين من أن يشاركوا في النشاط الماركس اللينيني – مثل ” حركة التحرير العقائدي”وإعلان الماركسيين حاجتهم الأصلية إلي الأساس الإلحادي.
بحث ماركس فى ” الحقائق العلمية” ليدعم إلحاده. و قادته النتائج إلي تشكيل نظريته الشيوعية. وإذ تحرك ماركس من الأساس الفلسفي إلي المجال الاجتماعى و الاقتصادى وصل إلي نتيجة
( قاعدتها الفروض الإلحادية) أن الدين هو مجرد مسكن ليأس الطبقة العاملة المظلومة. و قد تردد ملخص تفسيره هذا في كل أنحاء العالم، مع أنه لم يكن أساسه الأصلي في الإلحاد. يقول ماركس ” الدين هو تنهد المخلوق المظلوم – إحساس عالم بدون قلب، . هو أفيون الشعوب”
و أعلن صديق ماركس و رفيقه انجليز ” نريد أن نزيح كل شئ فوق الطبيعة أو فوق الكيان البشري بعيدا، لأنه أصل الخداع و الكذب ه إدعاء ما هو طبيعي بأنه فوق الطبيعي و البشري، بأنه فوق البشر. ومن أجل هذا أعلن مرة واحدة و إلي الأبد الحرب علي الدين و الفكر الديني و لا يهمنا إذا ما كان يطلق علينا أننا ملحدون أو أي شيء أخر.”
بالنسبة للماركسية ، تنبأ إنجليز أنه سيأتي وقت تتوقف فيه كل الأديان. وأعلن انه إذا ما تبني المجتمع المبدأ الاشتراكي: عندما يمتلك المجتمع كل وسائل النتاج و يستخدمها بخطة متوازنة ( بهذا سيلغي العبودية الاقتصادية للطبقة العاملة) و سيختفي الدين نفسه.
مشاركة العقيدة اللينينية مع الماركسية
بعد سنوات أكد لينين مبادئ ماركس و انجليز بقوله ” الأساس الماركسي الفلسفي- كما أعلن ماركس و انجليز مرارا هو المادية الجدلية ….. مادية ملحدة تماما و معادية لكل الأديان” و في كل مكان أوضح لينين أن محاربة الدين ضرورة أساسية في الطبقة المادية . وقال ” يجب أن نهزم الدين، هذه هي أبجدية كل مادية و بالتالي هي ا، ب الماركسية أيضا ”
وأصر لينين في خطابه ” الاشتراكية و الدين ” البرنامج الشيوعي مؤسس علي وجهة نظر عالمية مادية و علمية. و لهذا ” إعلاننا يتطلب بالضرورة إعلانا إلحاديا” و استمر لينين يحث رفقاءه الشيوعيين في اتباع نموذج انجليز و ترجمة و نشر الأدب الإلحادي علي أوسع نطاق ينتج عن الاستنارة الفرنسية في القرن الثامن عشر.
و أوضح لينين أن أي فكرة عن الله هي فكرة محظورة . وأعلن أن التوافق مع الله هو دنس شديد………دنس من نوع خطير وعدوي محرقة من أقسى الأنواع .” ملايين الشرور و الأعمال القذرة و أعمال العنف والاعتداء البدني ….. هي أقل خطورة عن الفكرة الروحية الخبيثة عن الله المعلن في أدق العادات الأيدلوجية….. و كل دفاع أو تبرير عن فكرة الله حتى أكثر الأفكار نقاوة و أفضل ما قصده الإنسان هو مجرد تبرير عن رد الفعل ” و من الواضح أن عقيدة لينين تتجاوب دون أدني خطأ مع عقيدة ماركس و أنجليز. و بهذا قام الاثنان بتأسيس الإعلان الشيوعي – إعلان الإلحاد.
الإلحاد في الاتحاد السوفيتي السابق
واستمرت العقيدة الماركسية طوال تاريخ الشيوعية. ومن عصر ماركس إلي الوقت الحاضر- أنكر الشيوعيون في كل مكان بصورة عنيفة وجود الله. ويمكن ملاحظة هذا عندما نضع فى الاعتبار الوضع العقائدي في الاتحاد السوفيتي السابق. نشرت ” دائرة معارف الاتحاد السوفيتي العظيم.” في موسكو 1950 – و نادت الحزب الشيوعي لمقاومة الأديان و ” القتال حتى النصر الكامل للإلحاد” و يحتوي الميثاق الشيوعي للشباب علي عشر وصايا و الإعلان بأنك إن لم تكن ملحدا قويا جدا، لن يمكنك أن تصير شيوعيا قويا… الإلحاد مرتبط بشدة مع الشيوعية ”
في عام 1955 قال القائد السوفيتي نيكيتا خرشوف ” لم تغير الشيوعية اتجاهها في مقاومة الدين. نحن نعمل كل شئ يمكن أن نعمله لكي نزيل القوة الخادعة أفيون الدين”
نشر دليل الإلحاد في موسكو عام 1959 مقترنا مع حملة خرشوف لإزالة الآثار المتبقية للدين في الاتحاد السوفيتي. هاجم هذا الدليل الكتاب المقدس، القرآن، المسيحية و الإسلام و يقول الدليل ” أعلن العلم منذ تأسيسه أن يسوع المسيح لم يوجد إطلاقا، وأن الشخص مؤسس الإدعاء المسيحي شخص خرافي تماما” ثم يتحول بالقول أن ” الرسول بولس أيضا شخصية خرافية”
اعتداء الماركسية علي الكنيسة
كثيرا ما انعكست كراهية الماركسية لأي شئ فوق الطبيعى و بصفة خاصة للمسيحية – علي المسيحيين ومؤسساتهم في الدول الماركسية. ومع أن دستور 10 يوليو 1918 في الاتحاد السوفيتي السابق اعترف بالحرية لكل من ” الدعاية الدينية و غير الدينية” كحق لكل مواطن، عمل الاتحاد السوفيتي بصورة دائمة علي قمع الدين الموجود.
أعلنت المادة 65 من دستور 1918 –أن الكهنة ورجال الدين هم ” خدام البورجوازية” هذا من بين أمور أخري كأن أنكروا على هؤلاء الكهنة أن يمتلكوا بطاقات الطعام و طرد أولادهم من المدارس فوق المرحلة الأولي . أشار بول كيرتز من الحركة الإنسانية الإلحادية أنه ما بين 1918 –1921 استمر الاضطهاد الديني دون توقف …. و تأممت كل ممتلكات الكنائس و قتل عشرات الآلاف من الأساقفة و رجال الدين و العلمانيين أو زج بهم في السجون”
و في الاتحاد السوفيتي السابق – كانت تغلق الكنيسة تلو الأخرى بعد إعلان أنها تقاوم الثورة . و تحولت الكنائس إلي دور سينما، محطات إذاعة ، مخازن قمح، متاحف ، ورش إصلاح الماكينات …. إلخ . قبل الثورة كان يوجد في موسكو 460 كنيسة أرثوذكسية و في أول يناير 1930 نزل العدد إلي 224 ثم يوم 1 يناير 1933 صار العدد 100 كنيسة.
و مع أن الدستور السوفيتي 1936 كفل الحرية الدينية ، استمر الهجوم الماركسى علي المتدينين ولم يلغ. وفي الفترة التى جاءت بعد الدستور الجديد حاول بعض المسيحيين أن ينفذوا القانون فلجئوا إلي الحكومة. طالبتهم الحكومة السوفيتية بجمع توقيع خمسين شخص علي الدعوى. عندما جمع المؤمنون التوقيعات و أحضروها إلي موظفي الحكومة، اعتبروهم متآمرين ضد الحكومة وانهموا أنهم ” أعضاء منظمة سرية تناهض الدولة” وتم القبض عليهم. واستمر هذا الاضطهاد طالما وجدت وجهة نظر ماركسية تحكم أي بلد. و لم تجعل العصور الحديثة الماركسية أكثر تسامحا في الدين. و في عام 1993 في جمهورية الصين الشعبية هدم القادة الماركسيون مسجدا إسلاميا بزعم انه لم ” يدشن من الحكومة ” و لا تدشن الحكومة الماركسية إلا دينا واحدا هو الإلحاد. الذي يعتبر أبجدية الماركسية.