المثالية اليوطوبية

راحة المتعبين

يؤسس كل من تابعي الحركة العلمانية والماركسي اتجاهاتهم نحو التاريخ والمستقبل باعتقاد أن التطور حقيقة. بسبب هذا فإن حياته تسير بسرعة نحو التطور، تتقدم نحو الكمال (تضع الماركسية تأكيدا مضاعفا على هذا التطور موضع جدل الغائية- القريب من التأليه يحرك الناس إلي وسائل متعددة من الإنتاج نحو المجتمع المرغوب. يعود الاعتقاد بان التطور يضمن الكمال المتطور في الحياة إلي عصر دارون الذي اقترح ” يعمل الانتخاب الطبيعي منفردا بواسطة ومن أجل رفاهية كل كائن، كل الممتلكات الجسدية والعقلية تميل للاتجاه نحو الكمال ” تقدم الماركسية والإنسانية العلمانية دوافع إيمانهم. وهم لا يعدون فقط بالدخول المحتم إلي الفردوس بل أيضا بالسماء دون تقديم الفكر غير المريح عن الله العادل القدوس. وليس على الإنسان أن يكون مسئولا عن أعماله، لكنه سيحقق الفردوس. هذا الفكر عن التاريخ والمستقبل يزود الرجال والنساء بالدافع للتعلق بوجهة نظر لا يمكن الدفاع عنها.

من المحزن أن هذا الفردوس الذي يعطي الرجاء لكثير من أتباع الحركة الماركسية والإنسانية العلمانية هو فردوس باهت غير كاف. وحيث انهم لا يؤمنون بما هو فوق الطبيعة يتلاشي الإنسان عند الموت الجسدي ويصير الفردوس حالة غير موجودة، أما الذين ماتوا في الماضي فلن يختبروه، أي خير يحدث للملاين الذين سبق ان عبروا من الحياة إلي الدمار، الذي سوف تخلقه العلمانية يوما ما بدون ألم؟ ما الخير الذي يمكن أن تعمله للذين يموتون في بؤس ووحدة في كل العالم؟ كل ما يمكن أن تقوله الحركة الإنسانية للجنس البشري أحياء أم أموات هو : “أنه أمر سيئ جدا أنك ولدت في مرحلة مبكرة من العالم. وأردأ من ذلك أنك سوف تتألم. معظم ألام العالم هي الثمن القاسي المكتوب علينا”

 مثل هذا الفردوس المتلاشي لا يمكن ان يوصف كفردوس. وكما نتوقع، يحاول بعض الماركسيين والعلمانيين حصر أخلاق الإنسان لخلق فكرة تدعو إلي المثالية اليوطوبية. يقولون أن عملية التطور تمنح الإنسان الحكمة ويدعون أن التطور سوف يرشد الإنسان يوما ما إلي حالة يربي بها أخلاقياته. يدعي فيكتور ستنجر أن الخطوة التالية في سلم التطور هي الكمبيوتر ويقول حيث أن ذاكرة الكمبيوتر هي أساسا فانية فان الإنسان يمكنه ايضا أن يكون خالدا. ونتمكن من تخزين معلومات الإنسان ومجتمعه حتى بعد الموت. يمكن حفظ الأفكار التي نطلق عليها – الضمير. والأفكار مجتمعه من كل الجنس البشري، يمكن تخزينها في ذاكرة الكمبيوتر”

حتى إذا كنا نتجاهل عجز ستنجر في الاعتقاد بضمير خالد وإنكار وجود ما فوق الطبيعة، سنري أن الإيمان المتطور أمر ساذج. هذه الثقة التي تتغير باستمرار تشير إلي تطور غير مؤسس علي الحقيقة. وكما يقول روش: علينا الإطاحة بالضغوط الراهنة ونسمح للتاريخ ألا يتوقف في مسيرة تحسين البشرية. في هذا المجال يعتبر الماضي بجملته شرير وأننا في تغير لما هو أفضل. هل يصدق أحد أن ألمانيا هي أفضل مكان لهتلر؟ التغيير يحدث نحو الإرضاء ليس هنالك استثناء لقد ولد البشر بميل الانحدار إلي الوراء”

هذه واحدة من أكبر تصدعات النظرة التاريخية المؤسسة على التطور وعلى الجدل، ليس هناك دليل في أن الإنسان والمجتمع يتحركان إلى الكمال لكن الدليل يبرهن العكس. نازية القرن العشرين، الشيوعية، الحروب العالمية، الإجهاض، الجنسية المثلية، مذهب اللذة، الفساد الحضاري… إلخ هذه الأمثلة لا تدل على تطور بل علي تقهقر. لم يأت الجنس البشري حاليا بمسرحيات مثل أعمال وليم شكسبير. أكثر من ذلك لم يتقدم الإنسان لتكون له أخلاق مثل أخلاق المسيح الذي عاش على الأرض منذ ألفي عام.

 لا تستطيع الحركة العلمانية أن تختلف في هذه الحقيقة لكنها لا تستطيع أن تقبل التطبيق المنطقي للحق المسيحي الكتابي، ذلك لأنها تفترض أن الله غير موجود فتجهل كل برهان مضاد لهذا الافتراض. تقوم بوثبات عديدة لتساير الفلسفة/ الأخلاق، الأحياء … إلخ بهذا تفسد وجهة نظرها وتجعل أتباعها لا يضعون في الحسبان الشخص الذي يمسك بمفتاح الفردوس في مستقبل البشرية، ملكوت ابن محبته المعلن لكل شخص أن يقبله- شخص الرب يسوع المسيح- ( أع16: 31 و مت 7: 21 و أف 2: 8-10 و كو 1: 13) .يختار اتباع الحركة الماركسية والعلمانية ملكوتا لا يتطلب مسئولية من الإنسان نحو الله ، وهم يحولون ظهروهم للشخص الوحيد الذي قال أنه هو الطريق والحق والحياة (يو14: 6)

ويحولون ظهروهم عن الحقيقة، يفضلون التعامل في انحراف وضلال. تنكر النظريات التقدمية أهم اتجاهات الوجود: الله ، النفس، العقل، الضمير ، الأفكار ، الإرادة الحرة والغيرية . تؤدي مثل هذه الأفكار إلي النظريات والمفاهيم اللا إنسانية مثل “البقاء للإصلح” العنف ضد طائفة كاملة من البشر ” البورجوازية” ثم تقودهم إلي أفكار جوفاء أخلاقية مثل ” لا تقتل….. بطريقة منظمة” وكثير من الانحرافات الجنسية.

  دعوة للتكريس

إذا كنا نقبل هذه الانحرفات في المجتمع المسيحي فيه أكبر خزي لنا. لقد قبل عدد كبير من المسيحيين كتب في علم الأحياء بالأخص نظرية التطور بصورة حاسمة لا تجعلهم في وفاق مع الأخرين الذين يؤمنون بالخلق ويعاملونهم معاملة سيئة. كثير من طلية الجامعات المسيحية الذين عرفوا جوانب الضعف في عقيدة التطور لا يزالوا يتجنبون الخلق الخاص ويتحركون بدلا من ذلك نحو التطور المتدرج او الطفوري ويعتنق مسيحيون أخرون أشكالا من الماركسية والاشتراكية ويطلقون عليها لاهوت التحرر. قبل بعض أخر مفاهيم غير مسيحية وحدة الوجود- تحقيق الذات- المذهب السلوكي – مساواة الجنسين – الإجهاض– التأمل في الديانات الشرقية والحكومة العالمية

 لماذا يقبل المسيحيون بمثل هذه السهولة أمورا غير مقبولة؟ من المحزن أن يكون غير المسيحيين أكثر ثباتا في عقيدتهم. لا يوجد بين الماركسيين شخص يقبل حقيقية الخلق ولا يوجد بين من ينادي بحركة العصر الجديد من يؤمن بأخلاقيات مطلقة. الشخص المسيحي الذي يثق في المكتوب ويقبل الحق الأبدي ينبغي أن يكون هو أول شخص يتعرف علي إفلاس المعتقدات العلمانية. لكن للأسف غالبا ما نراه يعتنقها!

تجاهل كثير من المسيحيين تحريض بولس ” أنظروا ألا يكون أحد يسبيكم بالفلسفة وبغرور باطل” (كو2: 8)

 نحن نعلن تفوق الوضع المسيحي في العقيدة، الفلسفة، الأخلاق، السياسة، القانون، الأحياء، التاريخ، علم النفس وعلم الاجتماع أعلنت وجهات النظر الغير مسيحية بأنها لا تتوافق مع المسيحية. رسمت خطوط المعركة. المسيحية مسلحة بالحق وبإعلان الحق ذاته (يو14: 6) ولدينا الاستعداد الكافي لدحض الأساطير التي تكمن في كل الوجهات المضادة.” لأننا وإن كنا نسلك في الجسد، لسنا حسب الجسد نحارب إذ أسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون، هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله ومستأسرين كل فكر لطاعة المسيح (2كو3: 5)

ومع هذا نحن لا نقوم بالعمل. وجهة النظر المسيحية في تراجع في كل مجالات الحياة الأمريكية تقريبا، بما في ذلك الجامعات، الأعلام، الفنون، الموسيقي، القانون، التجارة، الطب، علم النفس، علم الاجتماع، المدارس العامة وأنظمة الحكومة. وكما أعلن جميس دابسون ” صار نظام الحركة الإنسانية العلمانية للقيم هو الطريقة السائدة للتفكير في معظم مراكز قوي المجتمع” وبحسب دابسون لا يوجد للنظرة المسيحية أي مكانة بين مراكز القوي في أمريكا: الكنيسة والأسرة كل منهما تحت ضغط شديد لكي تستسلما.

Comments are closed.