تمييز الحق

راحة المتعبين

لا تعتبر الأخلاقيات على أي حال هي المجال الوحيد الذي تخلق فيه علمية النظرة الإنسانية مشاكل لا تحل. لقد انحرف أيضا علم النفس الماركسي والعلماني بالفروض النظرية، لأن كل من الوجهتين يفترض أن العلم هو وسيلة تمييز الحق. يتخلف كل منهما عن كل شيء ليس علميا، مثل العقل، الفكر والضمير والنفس والروح

يعلن العالم العلماني ولسن أن كل شيء في الكون له أساس مادي وهذا معناه أن كل شيء مادي بما في ذلك العقل وكل أعماله الروحية” ينادي علم نفس الحركة الإنسانية بوحدة الوجود حيث أن العقل والمخ يعتبران كيانا ماديا. . لقد لاحظنا العديد من نقائص هذا المعتقد ويمكن فحص التشعب الكامل تماما في نص النظرية في القرن العشرين عندما حمل أشخاص مثل أ. ب بافلوف، ب. ف. سكند، وجهات النظر العلمانية في استنتاجاتهم المنطقية. قبل ذلك وقبل أصل الأنواع لدارون. كان الإنسان يسخر من النظريات السلوكية الكاملة لبافلوف وسكند. اقترح كثير من الملحدين القدامى، عدم وجود العقل والنفس، لكن لم يكن لأي منهم الجرأة. لاستنباط النتيجة المنطقية: بدون العقل، تكون أعمال الإنسان مجرد سلسلة دوافع خارجية، يمكن تصميمها بالكامل.

لا تصدمنا هذه النتائج. النظرية السلوكية هي امتداد منطقي للفلسفة الطبيعية. ما يصدمنا هو أن الماركسية والعلمانية تتوقعان منا أن نصدق أن مثل هذا النموذج يصف الحقيقة بدقة. النموذج الذي يجرد الإنسان من الإرادة الحرة يمكنه ان يؤدي إلى نتائج فارغة. كما يشير روتس ” عملك هذا كانت تقرره الكواكب. ولا أمتلك أي اختيار فيما كنت، لأن كل شيء كما هو كائن، ككاتب اختزال لما يملي علي كتابته. نتيجة ذلك، إذا كنت أكتب أن كل الطبيعيين هم مجرد صراصير عديمة الفائدة وقبيحة، فعلي الطبيعيين أن يوافقوا أن الطبيعة أجبرتني أن أقول ذلك”، لا يستطيع الطبيعي أن يلوم روتس على هذا التقرير لأن النظرية السلوكية تجرد الإنسان من المسئولية عن أعماله. وبالطبع، في الحياة العملية، تتمسك الحركة العلمانية والماركسية بأن الناس مسئولون عن أعمالهم (عندما يسرق أحد الأشخاص سيارتهم يطالبون بعقوبته) لكن عندما يفعلون هم ذلك فإنهم يعملونه بسبب عدم الكفاية. في الحقيقة، لا يحتاج تابعو الحركة الإنسانية إلي أن يلومهم أحد في مجال الفلسفة، العقيدة، علم النفس والأحباء ( أو تقديم الثناء) لفرد عن أعماله. أكثر من ذلك، فإن التابعين الحقيقيين لوجهة نظر سلوكية للإنسان ينفون اكتشافات السلوكي التي ليس لها معني. يقول روتس ” يجب أن نستخدم إرادتنا لدراسة العالم. إذا كنا نستنتج أن العالم لا يسمح بالإرادة الحرة، نحن نهدم أوراق اعتمادنا في قولنا هذا” إذا كان عقلنا هو مجرد مستقبل وفاعل للدافع، هل يمكننا الثقة فيه لابتكار نظريات لها معناها.؟ وإذا كانت إرادتنا فقط من ملكنا وليست مستعبدة للرياح المتقلبة في المجتمع، هل يستطيع الوصول إلي نتيجة منطقية؟

 يخجل أتباع العلمانية والماركسيون من هذه المشاكل- وهكذا – يقللون من الاتجاه السلوكي في نظرتهم. قد يعمل هذا لفائدتهم في مجال منفصل بهذا لأن النظرة العلمانية ترغب في أن تعامل الإنسان كما لو كان يمتلك إرادة حرة عندما يشجعونه علي اختيار أن تدعيم ثورتهم أو رؤياهم المثالية (اليوطوبية) . بمعني حقيقي يرغب العلمانيون والماركسيون في أن يكون لهم كل الامتيازات ولا يكون لهم العيوب. يرغبون في مجتمع بدون الله- مصنوع بكاملة من المادة، متطور نحو الكمال، لكنهم لا يقبلون الأفكار المضادة لهذه الفروض- شاملة العقل، الأفكار والإرادة الحرة. يقدم العلماني وين. ل تروتا المثل الكامل لهذا الفكر:” قد يكون من الحكمة أن تحكم قوانين منطقية كل السلوك. لكن خفض السلوك البشري إلي مجموعة من الآليات- ( لو حدث ما حدث) – سوف تنزل هذه الوصفة العلاج إلي مجرد مجموعة من التقنيات” . ما يقوله تروتا- أساسا أنه لا يزال يعتقد أن فروض العلمانية حقيقية، لكن يجيب علينا أن تتجاهلها في الممارسة لأنها غير فعالة. هذا هو العجز. لماذا نحتفظ بنظرية لا تتناسب مع الحقائق؟ إذا كانت السلوكية لا تشرح الأمور كما هي في الحقيقة، يجب التخلص منها- مع فروضها الأساسية للإلحاد، الطبيعية، التطور والأحادية.

هذا ما تفعله الماركسية والعلمانية عندما تجبران علي التعامل مع العالم الحقيقي. تصف وجهات نظرهم الكون بطريقة واحدة، لكن لا يمكنهما الحياة في توافق مع وجهات نظرهم. يترك أنصار النظرة العلمانية إلحادهم وماديتهم علي جانب ويعتنقون فكرة الكمال والإرادة الحرة عندما يتفاعلون مع المجتمع. يدهشنا أن يستمر الماركسيون والعلمانيون في التمسك بنظرتهم التي يجب أن يتخلوا عنها عند مواجهتهم للحقائق القاسية الجامدة. أوصي الرسول بولس تيموثاوس في (1تي 1: 5) ” أن تكون المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وإيمان بلا رياء ” لماذا يصر العلمانيون على إنكار ما فوق الطبيعة؟ لماذا- عندما يتعثر النظام الماركسي في العالم، أن يثق الأساتذة الأمريكيون أن الماركسية لا تزال وجهة نظر عالمية فعالة؟ لماذا ينكر العلمانيون وجود الضمير ولاهوت المسيح ثم يعلنون، كما أعلن برتراند راسل، أن العالم يحتاج إلي المزيد من ” المحبة المسيحية”؟

 الجواب هو أن وجهات نظر الحركات العلمانية عقائد تتطلب إيمانا غير معقول. سبب قبول الناس وجهات النظر العالمية التي تتطلب مثل هذا الإيمان سيصير واضحا ونحن نحول أنظارنا نحو المستقبل.

Comments are closed.