المجد لله فِي الأَعَالِي

الخلاص الثمين

“وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّة” لو 2: 13 – 14

مجد الله ومجد الانسان: مجد الله هو جمال روحه. ليس الجمال الاستاطيقي أو الجمال المادي، ولكنه جمال شخص الله نفسه، لقد خلقنا الله لمجده إشعياء 43: 7، ويمكن القول إن الانسان مخلوق “ليمجد” الله.  هذا، ويمكن رؤية مجد الله في أشياء مثل الحب والموسيقى والبطولة -الأشياء التي تنتمي إلى الله ونحن نتطلع إلى “الأواني الخزفية ” (2 كو 4: 7). البشر هم السفن التي “تحتوي على” مجده.  ونحن قادرون على أن نتحدث بمجد الله وعن مصدر مجد الله. الله يتفاعل مع الطبيعة. طبيعة المعروضات تمجده في عقل الإنسان من العالم المادي بطرق عديدة، وبطرق مختلفة لأناس مختلفين.

أين نري مجد الله: نراه ونحن ننظر إلى روعة الجبال، جمال البحر. الطبيعة وما وراءها.  بهذه الطريقة، يكشف الله عن نفسه للبشر، من كل عرق وتراث وموقع.

“اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ.  يَوْمٌ إِلَى يَوْمٍ يُذِيعُ كَلاَمًا، وَلَيْلٌ إِلَى لَيْل يُبْدِي عِلْمًا. لاَ قَوْلَ وَلاَ كَلاَمَ. لاَ يُسْمَعُ صَوْتُهُمْ.  فِي كُلِّ الأَرْضِ خَرَجَ مَنْطِقُهُمْ، وَإِلَى أَقْصَى الْمَسْكُونَةِ كَلِمَاتُهُمْ. جَعَلَ لِلشَّمْسِ مَسْكَنًا فِيهَا، (مز19: 1-4) “بِرَأْيِكَ تَهْدِينِي، وَبَعْدُ إِلَى مَجْدٍ تَأْخُذُنِي. “(مز73: 24)

“وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ” (.2كو 3 :18)

المعنى الدنيوي للمجد: المعنى الدنيوي للمجد هو جمال أو حيوية الأرضيات (مز 37:20، مز49:17) المجد الأرضي زائل. يتلاشى لأن الأمور المادية لا تدوم. بل تموت وتذبل، عندما يأخذ الموت الشخص وتتحلل المادة. يقول الكتاب: ” وَلْيَفْتَخِرِ الأَخُ الْمُتَّضِعُ بِارْتِفَاعِهِ، وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَبِاتِّضَاعِهِ، لأَنَّهُ كَزَهْرِ الْعُشْبِ يَزُولُ. لأَنَّ الشَّمْسَ أَشْرَقَتْ بِالْحَرِّ، فَيَبَّسَتِ الْعُشْبَ، فَسَقَطَ زَهْرُهُ وَفَنِيَ جَمَالُ مَنْظَرِهِ. هكَذَا يَذْبُلُ الْغَنِيُّ أَيْضًا فِي طُرُقِهِ” (يع 1 : 9-11)..
« ونحن نرى مثالا لغيرة الله على مجده الخاص أَنَا الرَّبُّ هذَا اسْمِي، وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لآخَرَ، وَلاَ تَسْبِيحِي لِلْمَنْحُوتَاتِ.” (إش 42: 8)   وهو ما يتحدث عنه الرسول بولس “لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ.  وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ، وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى، وَالطُّيُورِ، وَالدَّوَابِّ، وَالزَّحَّافَاتِ.  لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضًا فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ، لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ. الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ، وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ، الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.” رو 1: 21-25 عندما يتحدث عن طرق الناس الذين يعبدون المخلوق دون الخالق. وبعبارة أخرى، نظروا إلى المخلوق، وبدلا من إعطاء الله الفضل في ذلك، سجدوا لهذه المخلوقات (الحيوان أو الشجرة أو الانسان) وكأنها تمتلك المجد داخلها. هذا هو قلب الوثنية والأمر الشائع جدا. ارتكب البشر هذا الخطأ إذ عملوا “تبادلا” بين مجد الله الصالح “بالمجد البشري

الخطأ البشري: هذا هو الخطأ الذي لا يزال العديد من الناس يفعلونه: الثقة في الأمور الدنيوية، والعلاقات الدنيوية، لقوتهم أو مواهبهم أو جمالهم، أو الخير الذي يرونه في الآخرين. ولكن عندما تتلاشى هذه الأمور، وسوف تفعل، حتما (كونها فقط ناقلات مؤقتة للمزيد من المجد)، ينتاب هؤلاء الناس اليأس. لندرك أن مجد الله ثابت، ونحن في رحلة الحياة نرى ذلك واضحا هنا وهناك، في عمل الله المجيد

اختفاء المجد: سفر حزقيال هو سفر “مجد الرب”، بدأ السفر بإعلان هذا المجد الإلهي، وصار روح الرب يكشف بكل طريقة محذرًا بأن هذا المجد يفارق الشعب بسبب انغماسه في العبادات الوثنية، والرجاسات وسفك الدم، وقبول مشورة الأنبياء الكذبة والنبيات الكاذبات، وانهماك الكهنة في مصالحهم الشخصية على حساب الرعية.

وأخيرًا فارق مجد الرب هيكله ومدينته (أصحاح 10، 11)، إذ تدنس الهيكل وتنجست المدينة وقام الرب بتأديب شعبه بالسبي والجوع وتدمير مدنه ليحثه على التوبة فيعود بمجده إليهم، وأخيرًا قام الرب بتحطيم العدو الخارجي (ص 25-32)، ووعدهم بعودة مجده، مقدمًا نفسه راعيًا لهم عوض الرعاة الأشرار (34)، وحاثًا إياهم على التوبة فلا يموتون (36)، وواعدًا إياهم بإقامة هيكل جديد ومدينة جديدة وملك جديد ابنًا لداود من أجل عودة “مجد الرب” في وسطهم.   تكرر التعبير في الأصحاحات الأولى 14 مرة!

عودة المجد الإلهي: جاء المجد الإلهي من المشارق… معلنًا أن عودة المجد الإلهي إلى الطبيعة البشرية إنما يتحقق بمجيء السيد المسيح الذي دُعيَ بالشرق (زك 6: 12)، “شمس البر” الذي يشرق بغير انقطاع ليبدد الظلمة (ملا 4: 2) وقد ظهر نجمه في المشرق (مت 2: 2 ) .   في عودة مجد الرب هنا لم يظهر السحاب كما في خيمة الاجتماع أو هيكل سليمان (خر 40: 34-35، 1 مل 8: 10)، فإن مجده في كنيسته الجديدة لم يعلن خلال سحابة الرموز والظلال بل أعلن خلال الابن الوحيد ذاته، إذ التقت البشرية مع الآب في ابنه بلا عائق!  

ظهر مجد الرب خلال أمرين: قوة الكلمة والبهاء، إذ يقول: “جاء من طريق الشرق، وصوته كصوت مياه كثيرة، والأرض أضاءت من مجده” وفي الاستنارة، فتضيء الأرض التي عاشت زمانًا تحت الظلمة.  “لأنكم كنتم قبلًا ظلمة، وأما الآن فنور في الرب، اسلكوا كأولاد نور” (أف 5: 8).   ويقول الرسول بطرس: “وأما أنتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي أمة مقدسة شعب اقتناء لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب” (1 بط 2: 9).

لا يستطيع الإنسان أن يتمتع بالمجد الإلهي ويدخل إلى رؤيته وسماع صوت الرب بدون الروح القدس الذي وعد به الرب قائلًا: “يأخذ مما لي ويخبركم” (يو 16: 14).

الحضرة الإلهية (الشكينة):عودة مجد الرب ثانية إلى هيكله كمكان كرسيه ليسكن وسط شعبه إلى الأبد إنما تم بالحقيقة بحلول الابن الوحيد المتجسد وسطنا حيث “نقض حائط السياج المتوسط، أي العداوة” (أف 2: 14-15).  بالعهد الإلهي مع الإنسان؛ الذي فيه قدم الآب ابنه الوحيد كفارة عن خطايانا. وسكن في هيكله (الذي هو نحن) إلي الأبد.”وَاسْمُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ: يَهْوَهْ شَمَّهْ” (الرب هناك) حز 48: 13

Comments are closed.