رعاة الكنيسة

كنيسة القديسين

“ارعوا رعية الله التى بينكم نظارا لا عن إضطرار بل بالإختيار ولا بربح قبيح بل بنشاط ولا كمن يسود على الأنصبة بل صائرين أمثلة للرعية ومتى ظهر رئيس الرعاة تنالون إكليل المجد الذى لا يبلى” (1بط 5: 2 4 )

 الرب يسوع هو رئيس الرعاة لشعبه ( 1بط5: 4). ليس المشرف أو المدير المنفذ. إنه يرعي نفوسنا، يهتم بنا، يرشدنا، يحمينا ويطعمنا كقطيعه. عمله هو عمل الله في العهد القديم. أعلن داود “الرب راعي” (مز 23: 1). هذا المزمور صورة رائعة للعلاقة بين الرب وشعبه. ليس الله بعيدا، منعزلا أو غير مهتم بتفاصيل حياة شعبه. إنه يعيش بينهم صديقا ومرشدا. لهذا يعتبر قادة الكنائس المحلية رعاة مساعدين للرب يسوع.

 ويستخدم الكتاب المقدس عدة ألقاب لقادة الكنائس، يعكس كل منها وجهة نظر مختلفة عن الرعاية. يطلق عليهم شيوخ ( أع 20: 17، تي1: 5). وهذا يعني أن الشخص نفسه هو أكثر نضجا وأكبر سنا في الاختبار والإيمان. كان لقب شيخ هو اللقب الأصلي لرئيس القبيلة أو القرية في العالم القديم. ويطلق علي الرعاة لقب نظار (أساقفة في بعض الترجمات) ( 1تي 3: 1-2، تي1: 7 ، أع 20: 28) موضحا عمل الذين يشرفون علي قطيع الله. توضح النصوص أن الكلمتين تستخدمان بالتبادل وتشيران إلي نفس الشخص. كلمة راعي ترجمة أخرى لأصل الكلمة وتستخدم في (1بط 5: 1-2). هذه طريقة أخري لوصف الذين يشرفون علي شعب الله. وليست هي مملكة من القادة، أحدهم فوق الآخرين، لكنها وصف لنموذج بسيط يقدمه الرب لرعاية شعبه. إنها قيادة في الكنيسة المحلية بواسطة فريق من الشيوخ والرعاة.

 ولا يشبه هذا النموذج، النموذج الذي نلاحظه عامة في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، الأرثوذكسية أو حتى الكنيسة البروتستانتية. يوجد في معظم الكنائس انقسام بين أولئك الذين يطلق عليهم رجال الدين والعلمانيين أو عامة الشعب. تعطي ألقاب لرجال الدين مثل “القس” أو لقب أكبر. يرتدي البعض ملابس خاصة لتفصل بينهم وبين العلمانيين . يتعلم هؤلاء الناس في معاهد خاصة خارج الكنيسة ويمنحون درجات ، ويطلق علي بعضهم كهنة كما لو كانوا طبقة خاصة من البشر. لا يتناسب هذا التنظيم مع تعاليم العهد الجديد. رفض الرب الألقاب الدينية.

 ( مت 23: 8-10). لو كانت الرعاية والحكومة فى الكنائس المحلية شبيهه بالنوع الذي نراه في العهد الجديد لكانت تختلف تماما عن النوع الذي نراه عامة في عصرنا وسنفحص هنا بعض المجالات باختصار.

تعددية في الرعاة

يقدم الكتاب المقدس فريق قيادة يشمل أكثر من راع ويعلمنا الشكل الصحيح لحكومة الكنيسة. يخاطب الرسول بولس المؤمنين في فيلبي 1: 1 كجماعة من الشيوخ مع قديسين وليس راع بمفرده ( تي1: 5). عين بولس وبرنابا شيوخا في كل كنيسة أسساها ( أع14: 23) . وعندما ذهب بولس إلي أفسس استدعي كل شيوخ الكنيسة( أع20: 17). وكتب بطرس رسالة لهؤلاء الشيوخ واعتبر نفسه واحدا منهم.(1بط5: 1-2). فكرة الراعي الواحد غير موجودة في سفر الأعمال أ والرسائل. إن محاولة إظهار تيموثاوس في أفسس ، يعقوب في أورشليم وملائكة الكنائس في رؤ 2، 3 ، أنهم كانوا معلمين رعاة غير مقنعة . كان تيموثاوس مرسلا متجولا مثل بولس. كان يعقوب قائدا، وسيطا، إداريا ومتقدما في أورشليم. الملائكة المشار إليهم في الرؤيا في الإصحاحين 2، 3 هم مجرد ملائكة بحسب التفسير الكتابي. لم تطلق الكنيسة علي أي منهم لقب راع معلم .

       لم يحدث في زمن الكتاب المقدس أن استؤجر رعاة من خارج الرعية أ.و أستخدم نظام لجان البحث ، المقابلات للتعيين، نماذج العظات، التحري عن المندوبين من أجزاء أخرى والاستقراء المالي لها . .دخلت هذه الأعمال الكنيسة فيما بعد . ولم يكن هناك تعيين رعاة للكنائس من جماعات حكومية رسمية. كان الراعي واحدا من داخل القطيع نفسه، له صفات خاصة كما كانت له الرغبة في العمل . حدث هذا ولا يزال يحدث في الكنائس خارج البلاد الغربية .

 من المؤكد أن المشاركة في القيادة لا تخلو من متاعب ، كما أنها ليست نظام القائد الواحد. من الضروري وجود قادة روحيين، مهما كان النظام، حتى تعمل الكنائس بالصورة المرجوة. لا يضمن هذا الشكل الحياة الصحيحة. سوف يغرق القادة غير الروحيين وغير الملائمين فى أي نظام يفهمونه سواء من الكتاب أو من وضع الناس.

 علي أن نظام القيادة كفريق هو نظام غير معمول به في معظم العالم المسيحي . ومن الصعب كسر أى عادة مألوفة. تزايدت الحاجة إلي عدد كبير من الشباب ليدرسوا، يعملوا ويقودوا حيث لا يمكن ترك كل شئ للراعي وحده. ربما لا يعرفون أن يواصلوا الاستمرار في الواجبات الرعوية، ما لم يدربهم شخص ما. ربما لا يوجد شخص يرغب أو يستطيع أن يساعدهم علي تنمية الخبرة المطلوبة في فترة من الوقت. من السهل تفويض أي هيئة كى تعمل كل الواجبات بالأخص التعليم والرعاية مقابل أجر يدفع لها.

 بالرغم من كل ذلك فإن القيادة الجماعية ، إذا كانت روحية لها فوائد جمة. تقود القيادة الجماعية إلي تطوير أعظم للمواهب الروحية بين الرجال بالأخص في الوعظ والعمل الرعوي. يتسع المجال لتشغيل المواهب الروحية، وليس توقع أن يقوم شخص واحد بكل شئ. وتعطي مسئولية اعظم للقادة الرجال الذين يعملون كرعاة عندما يتحولون من العلمانيين. يقلل هذا من الاعتماد علي رجل واحد ويتركز الانتباه في الرب يسوع كالراعي الصحيح. علي أي حال ، لا يمكن لشخص واحد أن يمتلك كل المواهب المطلوبة أو يتحمل عبء الحمل كله وحده. لقد كسر هذا العبء انفرادية القيادة في البلاد التي يعبد فيها المؤمنون في كنائس البيوت أو كنائس تحت الأرض بسبب الاضطهاد- ،تعتبر القيادة الجماعية مثالا جيدا . نفس الأمر ينطبق علي الكنائس الريفية. لا يتطلب الجهد المتصل في القيادة الجماعية وجود مواهب عديدة في شخص واحد، بل يسمح لأكثر من وجهه نظر معرفة وتقرير إرادة الله. وتحمي الجماعة من الديكتاتورية. السبب الأخير هو آن الكتاب المقدس يعلم بهذا.

Comments are closed.