عمل النعمة الخاص

نعمة الخالدين




كنت أعمي والآن أبصريو 9 :20

عصر الإشباع الفوري

نحن نعيش في عصر الإشباع الفوري، صار كل شيء متاحا وبسرعة هائلة. يمكنك استقبال البريد الإلكتروني من الطرف الأخر في العالم في ثوان بعد كتابته. لم نعد ننتظر نظام الخطابات البريدية التقليدي وهي تشق طريقها في متاهات معقدة. يمكنك فقد أرطال من وزنك في مدي أيام. يمكنك مشاهدة الصورة الفوتوغرافية فور التقاطها بالعدسات الخاطفة.

لكن هناك أمور تتم باستخدام النار الهادئة، الموقد البطيء. التغيير الأصيل للإنسان من الداخل إلي الخارج، هو نموذج لهذا الأمر. بعد الخلاص تتوقع النهوض والسلوك في جدة الحياة سريعا. لكن يحدث أن يزحف الشك إلينا بأنه لم يتغير فينا شيء. نبدأ نصارع مع تحديات كثيرة في حياتنا: في كلمات متسرعة، لماذا لا نشعر لحظة بلحظة الرغبة في أن نصيركما وعدنا المسيح أن نكون؟

لا توجد وصفة فورية (ميكروويف) للوصول إلي النضج الروحي. علينا أن نتمم خلاصنا بخوف ورعدة “( في2: 12 )

خداع النفس:

إننا نخدع أنفسنا بعدم الاعتراف بوجود الشر في أنفسنا. هناك أناس لم ينفتحوا علي الواقع. وقف العشار يسكب اعترافه، بينما الفريسي الذي بجواره يصلياللهم أشكرك أني لست مثل هذا العشار” ( لو 18: 9 )

جزء من جهلنا أننا لا ندرك أننا في جهل. نحيا حياة هادئة، لانسرق البنوك ولم نرتكب جرائم قتل. لم نعمل في تجارة الرقيق ولم نحرس ثياب الذين رجموا الشهيد . نحن عميان عن عمانا الحقيقي: مثل الفريسي في الهيكل الغارق في بره الوهمي،

لا غرابة أن أخبر الرب يسوع الفريسيين أنهم عميانأعمي يقود أعمي يسقطان في الحفرة ( لو 6: 59)

الفحص الذاتي:

أجاد بولس الحوار وهو يقدم أفكارا جديدة عن ادانة الآخرين، لم يقبلها الفريسيين . كان موقف بولس ( أنت تظن أنك شخص وسيم مقتدر ناجح . من الأفضل أن يكون عندك فحص لذاتك أدق قبل أن تدين الأخرين لتري نفسك علي حقيقتها ).

ويستخدم بولس صيغة الدينونة سبع مرات في ثلاث أيات في رو 2. وهو يقدم حجته في الرسالة إلي رومية الاصحاح الثاني

مبادئ فحص النفس

1-دينونة الله حسب الواقع

. لأنك أنت الذي تدين تفعل تلك الأمور عينها” (رو 2: 1)

أيها الأبكم ألا تري أنك قد تخدرت وأنت تسمح لنفسك بمقاومة الله؟

يلجأ معظم الخدام إلى النقد اللاذع في هذه الأيام ، لكن بولس أضاف إليه إحساس الشخص المختبر. كان بولس له نفس إحساس الفريسيين لأنه كان فريسيا وكان يعمل اعمالهم وهو يفترض انه إذا كان هؤلاء الناس معوّقين بصريا فالأفضل أن يكتب لهم بأحرف كبيرة ، وإذا كانوا في صمم لا يسمعون عليه أن يصرخ لهم . ويقرر بولس أن المرائي لا يحتمل مطلقا خطأ شخص أخر لكنه يحتمل خطأه هو ، مثلالسيدة كثيرة الاحتجاج في مسرحية هاملت لشكسبير. بمعني أخر كلما ارتفع صوتك ، كلما وضح أنك تريد تحويل الأنظار بعيدا عن نفسك . هكذا يعلن بولس أنك فيما تدين الآخرين تحكم علي نفسك. هذا هو الرياء بعينه أنت الذي تدين تفعل تلك الأمور عينها ” .

في الموعظة علي الجبل أوضح لنا الرب يسوع أن الغضب هو أساس القتل والشهوة هي مصدر الزنا ، نحن مقتنعون بهذا . وهناك أيضا فكرة مخيفة، تصوّر أن المحققين في جريمة ما توصلوا إلي أفكارك الداخلية. في هذا البرهان علي أننا لسنا أبرار أنت الذي تدين تفعل تلك الأمور عينها

2-دينونة الله حسب الحق

ونحن نعلم أن دينونة الله هي حسب الحق علي الذين يفعلون مثل هذه. أفتظن أيها الإنسان الذي يدين الذين يفعلون مثل هذه وأنت تفعلها أنك تنجو من دينونة الله” ( رو 2: 2-3

يمكن أن يرتفع صوت الروح فوق صوت الرعد الصادر من العالم كله. ” لأنه ليس كما ينظر الإنسان لأن الإنسان ينظر إلي العينين، أما الرب فهو ينظر إلي القلب.” 1صم 16: 17 أوضح بولس نفس النقطة بالنسبة للمؤمنين فإن الروح القدس يقوم بدور الإرشاد بالصوت الإلهي في داخلهم، لكن بالنسبة للذين لم يسمعوا الإنجيل لقد وهبهم الله الضمير للحكم والقياس. دينونة الله عادلة ومستقيمة ولا يمكن لأحد أن يتعلل بالقول الكل يفعل هذاكما لا يمكن لجنود الصليب أن يقولوا فعلنا بحسب الأوامرما لم تأتي الأوامر من صوت السلطة التي وهبها الله لأتباعه

3- دنيوية الله بحسب الفرصة المقدمة لنا

أم تستهين بغني لطفه وإمهاله وطول أناته، غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلي التوبة، لكن من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضبا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة “رو2: 4-6

يذكر بولس ثلاث مميزات: غني لطفه، إمهاله، وطول أناته. كلها تعبير عن محبة غير محدودة لا نستحقها ومن المؤكد أنها بدون مقابل. لكن العالم مكدّس بالشر والخطية. فيه بشر عاشوا وماتوا في الظلام

نعيش نحن المؤمنين في النور في إعلان الله الكامل وملء محبته ومع هذا، ننكره ونخطئ إليه، وكتبنا المقدسة تعتلي الأرفف وهناك بلدان أخري يتوق أفرادها إلي الكتاب المقدس. إنسكبت علينا نعمة الله بلا حدود كشمس الصيف ورحمته مثل أوكسجين الهواء ، مع هذا نحيا كما لو كنا منفصلين عن مصدر خيرنا.

هناك شعوب لم يشملها إحسان الله العظيم وصفهم بولس بأنهم قساة، مشكلتهم التمرد. الكلمة اليونانية ، هي التصلب، المشتقة منها العبارة الطبية تصلب الشرايينمثل تصلب في شرايين القلب ، هناك تصلب شرايين القلب الروحي. ما سبب هذا التصلب والقسوة؟ توجد إجابات عديدة. إنه الشخص الذي يتجاهل لطف الله وإمهاله وطول أناته. هذه أعراض تصلب شرايين القلب الروحي المزمنة.

4- دينونة الله بحسب الأعمال

الذي سيجازي كل واحد، حسب أعماله. أما الذين بصبر في العمل الصالح، يطلبون المجد والكرامة والبقاء فبالحياة الأبدية، أما الذين هم من أهل التحزب ولا يطاوعون الحق بل يطاوعون الإثم فسخط وغضب وشدة وضيق.” رومية 2: 6-10

قال الرب يسوع إن إبن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه، مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله. ” مت 16: 17

لن يحاسبنا الله في يوم الدنيوية علي عدد الكتب المقدسة التي نمتكلها ولا علي عدد الآيات التي نحفظها ، لكنه سيحاسبنا عن مدي تشربنا لأقواله في حياتنا. إنه حساب عن الثمر. كم من الزهور تفتحت في سنوات وجودك في هذا الكوكب؟

حساب الله هو حساب الطاعة

وليست المعرفة العقلية عنه. يكون الأمر أردأ لأن من يعرف أكثر يطالب بالأكثر يكون الحساب عما اختبرناه وليس عما سمعناه. العصيان يجعل الدينونة أشد قسوة

دينونة الله ليس فيها محاباة

لأن ليس عند الله محاباة، لأن كل من أخطأ بدون الناموس فبدون الناموس يهلك، وكل من أخطأ بالناموس فبالناموس يدان فليس الذين يسمعون الناموس هم أبرار عند الله بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون. لأن الأمم الذين ليس عندهم ناموس متي فعلوا بالطبيعة ما هو في الناموس فهؤلاء إذ ليس لهم ناموس هم ناموس لأنفسهم. الذين يظهرون عمل الناموس مكتوب في قلوبهم شاهدا أيضا ضميرهم وأفكارهم فيما بينها مشتكيّة أو محتجة.” رو 2: 11-15

دينونة الله مؤكدة:

في اليوم الذي فيه يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح. ” رومية 2: 16

يفتش الله قلوب البشر ويعرف مقاصدهم (1أي 28: 9) كم نكون أغبياء عندما نتساوم مع الله! أن نقف أمامه ونتكلم معه بحالة ليس فيها الولاء التام. روح الله يسكن في المؤمن في خلايا عقله الداخلية، يعرف عدد شعر رأسه. عدد ساعات، دقائق وثواني عمره. إذ ندرك هذا يمتلكنا الخوف وتأخذنا الرهبة. لولا لطفه، إمهاله وطول أناته. من هو الشخص الذي يمكن أن يكون موضع ثقتنا وهو يعرف عنا كل دقائق حياتنا؟ لابد أنه شخص مطلق الكمال، يحبنا محبة غير محدودة وغير مشروطة.

Comments are closed.