كلية التجارة

نعمة الخالدين




يتضمن منهج كلية التجارة المواد الأتية بنفس ترتيب ورودها:

المادة الأولي: الإيمان: “إذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح” رو5: 1

  من يمتلك هذه المادة يتحرر من كل ذنب ، لن تمسك عليه خطايا الماضي، الكلمات اليونانية لهذه الآية توضح المعني إذ أنها تشير إلي التبرير بالنسبة للماضي، عمل كامل، صفقة تامة.

كتبت السطور بمداد أحمر، دم ابن الله الوحيد وحده، الذي يمنح هذا الأمر وينفذه. وعندما يصدر الله أمرا، فإنه لا رجعة فيه. الله لا يغيّر فكره. التبرير معناه انتهاء الحرب. قبل الصليب وقبل محبة المسيح كنا سجناء طبيعتنا الفاسدة لم نكن نستطيع أن نعمل شيئا لدفع تهم الذنب من فوق هامتنا.

يشعر المؤمن بسلام لم يشعر به من قبل علي الإطلاق، يبدأ يسري في كيانه تيّار كهربي، وهو يضم الوعد إلي صدره، يتحقق أن كتقية كانتا هزيلتين وضعيفتين من حمل غير مرئي . الآن، زال الحمل واستقام ظهره وقوي وصار ينعم بالسلام.

 السلام – هو وقف إطلاق النار في الحرب المقدسة.

لكن الطبعة الفاخرة لهذا الوعد تكشف لنا أن هذا النوع من السلام، ليس خاصا بحياة سهلة. علي العكس يعلم المؤمن أن الطريق محفوف بالمخاطر المرتقبة. ليس السلام مجرد شعور بل هو حالة ثابتة . الكلمة المستخدمة في العبرية هي شالوم. وهي الحالة التي تكون فيها الحياة علي أفضل وضع. هذا السلام هو الخلاص في حياتنا علي الأرض.

جاء السلام راسخا لأن أعظم عدو، الموت لا يمكن أن يتعقبه. صار المؤمن في سلام مع الله، حرا في أن يحيا منتصرا، وليس هناك خوف. هو خادم الله وليس سجينا. “أنتم الذين كنتم قبلا أجنبيين وأعداء في الفكر والأعمال شريرة قد صالحكم الآب في جسم بشريته في الموت لبحركم قديسين بلا لوم ولا شكوي أمامه” كو 1: 21-22

هذا هو نوع السلام الذي يصفه بولس في فيلبي 4: 6-7 “لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدي الله، وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع” يأخذ المؤمن وثيقة السلام ليحتفظ بها ولتحفظ قلبه وعقله في المسيح يسوع. هذا لكن بدون وثيقة التبرير لا يستطيع المؤمن أن يمتلك أي شيء أخر

 المادة الثانية الدخول إلي النعمة “الذي به أيضا قد صار لنا الدخول إلي هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون” رو5: 2

يرفع المؤمن مفتاحا ذهبيا صغيرا. أين هو الباب الذي يفتحه؟

وهو يمسك به أمامه، يبدأ يشعر بالجواب العميق داخل نفسه. تنهدة حادة تهرب من بين شفتيه.

ليس هذا المفتاح لقصر أو مخزن أرضي. بالصليب صار لنا مبدأ جديدا يعمل في حياته وحياتنا. صار لنا القبول والدخول إلي نعمة الله- نفس النعمة التي بررتنا . يبدوا كما لو كان القاضي قد حرر الوثيقة ودعانا إلي بيته ،لم يتركنا نذهب في طريقنا. أصبح الشخص الذي كان يتهمنا، صديقا عزيزا يطلب رفقتنا.

تستخدم كلمة دخول 3 مرات في العهد الجديد وهي تشير دائما إلي دخول المؤمن إلي محضر الله بواسطة يسوع المسيح.

النعمة هي كنوز الله الممنوحة لنا، الذين كنا قبلا مذنبين. قد نال السجين الذي حكم عليه بالموت، من بين كل الناس، قد نال حظا أوفر: ما لم يبحث عنه، ما لم يستحقه، محبة الله غير المشروطة. فنحن مثل هذا المسافر. كنا نتجول في الأحراش ونتخيل دائما وجه القاضي الغاضب الذي سيحكم علينا بالسجن.

 يتغير المشهد. يصير القاضي يتعقبنا بالمحبة وليس بالانتقام. وجهه الغاضب صار عطوفا. يأتي أخيرا ويدفع أغلي ثمن نتخيله ليمنحنا وثيقة التبرير، التي تعيد لنا حق الانتماء إلي أسرته.

إذ تم هذا، صار لنا طريق جديد للحياة. صار لنا الدخول إلي كنوز النعمة .هذا المفتاح في يد نا يمثل الحقيقة أن كل ما للآب هو لنا .

يجب أن نفهم أن النعمة هى أمر ثابت، كما يضعها بولس في رومية 5: 2. إنها حالة دائمة وليست مؤقتة كما يقول جميس سكوت “نحن نتعثر في البحث عن النعمة. علينا أن نثبت فيها لأن هذه هي طبيعتها ، لا شيء يمكن أن يفصلنا عن محبة الله”1

 المادة الثالثة: رجاء مجد الله. رو 5: 2

وبينما المؤمن يستعد للتعلق بمعجزات النعمة ، يتأمل في:

الماضي: تبرير لما فعلنا

الحاضر: دخول إلي مجد المسيح

المستقبل: الوعد بالمجد الأتي.

يخبرنا بولس أن وعد المجد الاتي هو سبب الاحتفاء به. هذا يشبه الآب الذي أقام مأدبة عند عودة الابن الضال. هذا يشبه بولس في قوله “افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضا افرحوا” في 4: 4لايوجد فرح بدون آلات عزف.

تأتي كلمة افرحوا التي اشتقها بولس من مصدر يوناني يعني فرحا كافيا لدرجة الافتخار. ليس هذا فخر التباهي لكنه شعور البهجة الذي لا يمكن السيطرة عليه. نحن نحتفل بحلم المستقبل الذي وعد الله أنه سيتحقق مؤكدا. “من افتخر فيفتخر بالرب. ” 2كو 10: 17

كم مرة سنحتفل بالفرح؟ وكيف تدّشنه كنائسنا؟ إذا كنا نعير الاهتمام لهمسات المستقبل الموجودة علي صفحات الكتاب. لمحات رجاء المجد المعدّ لنا. “الذي أراد الله أن يعرّفه ما هو غني مجد هذا السر في الأمم الذي هو في المسيح فيكم رجاء المجد” كو 1: 27

يخبرنا بولس “متي أظهر المسيح حياتنا فحينئذ تظهرون أنتم أيضا في المجد” كو 3: 4 المجد في المسيح وحده. لكننا سوف نشاركه غناه بصورة كاملة. هذا هو كمال تحقيق رجائنا الذي تعلّقت به حياتنا.

المادة الرابعة: الضيق. “وليس كذلك فقط بل نفتخر أيضا عالمين أن الضيق ينشئ صبرا والصبر تزكية ، والتزكية رجاء والرجاء لا يخزي لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطي لنا” رو5: 3-4

 حدثنا بولس عن المجد. المجد كلمة عظيمة. لا شيء أعظم منه.

لكن نري بولس هنا يخلطه بالضيق. نحن لا نرحب بهذا. أليس الضيق هو مرافق للتجارب؟ لماذا نمّجد التجارب والضيقات؟ لم يعد هناك سبب للدينونة. أين الفرح؟

تحقق المؤمن أن السلام الذي يناله في ا المادة الأولي ليس ضمانا لحياة سهلة، كيف يستطيع أن يقوم بمخاطرة بدون ثمن؟ .

بالضيق يتحول المؤمن إلي ما هو أجمل مثل اليرقة الصغيرة التي تتحول إلي فراشة ،. إنها نفس عملية التطور التي صوّرها بولس في هذه الأعداد ، يتذكر ا يتحول المؤمن إلي ما هو أجمل محاولته في شق الطريق في الأدغال وهو يضعف تدريجيا. الآن يري أنه يتحول إلي القوة ويستخدم بولس كلمة يونانية عن الآلام والضيقات بمعني الضغوط والعصر، مثل عصر العنب لاستخراج النبيذ. نحن لا نبحث عن المتاعب لكننا نستفيد منها. لأنها تعتبر وقودا للتحوّل. تحولنا الالآم والضيقات إلي أشخاص أقوياء ، جديرين بخدمة الله بإمكانيات متزايدة.

هل عاش بولس، حياة رفاهية بعد أن سلم نفسه لخدمة الله؟ هذا جوابه

“أهم خدام المسيح أقول كمختل العقل فأنا أفضل في الأتعاب أكثر في الضربات أوفر، في السجون أكثر في المميتات مرارا كثيرة. من اليهود خمس مرات قبلت أربعين جلدة إلا واحدة. ثلاث مرات ضربت بالعصي. مرة رجمت، ثلاث مرات انكسرت بي السفينة. ليلا ونهارا قضيت في العمق. في أسفار مرارا كثيرة. بأخطار سيول، بأخطار لصوص، بأخطار من جنسي بأخطار من الأمم وبأخطار في المدينة ـ بأخطار في البرية. بأخطار في البحر، بأخطار من أخوة كذبة. في تعب وكد وفي أصهار مرارا كثيرة في جوع وعطش في أصوام مرارا كثيرة في برد وعري عدا ما هو دون ذلك التراكم عليّ كل يوم للاهتمام بجميع الكنائس” 2 كو 11: 23-28

 كتب بولس معظم رسائله –أثناء أو بعد هذه التجارب : هل أصبح بولس أكثر إيجابية أم خيبة أمل؟ هل ازداد حكمة أم مرارة؟ ماذا كانت النتيجة في تجاربه المستمرة؟ وهو يقبع خلية السجن منتظرا حكم الإعدام كتب رسائل فرح وبهجة. بالنسبة له كانت الحياة هي المسيح والموت هو ربح” في 1: 21 إنه مكسب كبير عندما نفهم أن حاجتنا إلي حفظ إلهي. تحقق بولس أنه لا يوجد أمر مهما كان قاسيا يمكن أن يثنيه وهو يتغير إلي تلك الصورة عينها صورة المسيح. وكل شيء في العالم يستخدمه الله لمجده ولفرحنا الأبدي.

  يتم الأمر في ثلاث خطوات.

1– من الضيق إلي الصبر. إنها فكرة القضبان الحرارية، الفنارات تجعل الحديد أقوي. الآلام بدون الرجاء في المسيح تقود إلي الهزيمة والمرارة لكنها بواسطة معجزات النعمة تنمي فينا الصبر وسط التجارب. كما قال النبي “وأدخل الثلث في النار وأمحصهم كمحص الفضة وأمتحنهم امتحان الذهب وهو يدعو بإسمي وأنا أجيبه ، أقول هو شعبي وهو يقول الرب إلهيك 13: 9 توثقنا التجارب بالله.

كتب يوحنا عن تجارب الإيمان في سفر الرؤيا. تحدّث بطرس عن البلوي المحرقة التي تنقي كالذهب. ويخبرنا الرب يسوع في الموعظة على الجبل أننا ننال البركة في وقت الاضطهاد. يعتبر إثما أيوب مرادفا للتجارب وهو الذي قال “إذا جربني أخرج كالذهب” أي 23: 10. هل أدركنا الهدف؟ . إسبر فالجعالة ذهبية

2- من الصبر إلي التزكية: ماهي التزكية التي يشير إليها الرسول بولس؟ المذكي هو رجل ذو مهابة. يشير يعقوب إليها كعملية اكتمال “احسبوه كل فرح ياقوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبرا،

وأما الصبر فليكن له عمل تام لكي تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين في شيء” يع1: 2-4

وعندما نحتمل التجارب نبدأ في مجابهة الخوف ونطوّر تأكيدا بالقوة، عارفين أن التجربة لن تبتلعنا. مثل هذه الثقة تهبنا تزكية في العمل مبنيّة علي المبادئ وليست علي اليأس

3. من التزكية إلي الرجاء: الناس المزقون هم أشخاص إيجابيون يعيشون بقواعد البر، ويعرفون كيف يعملون. النموذج الإيجابي للتزكية يعطي رجاء ويحطّم الروح العصرية. يبدأ الفرح في وسط أسوأ الأمور في الحياة بالمعرفة. يقول بولس “عالمين أن ” الحياة ليست قاسية أوكسير في عشوائية . إنها غطاء واقي وطريق منظّم نحو الهدف

المادة الخامسة: محبة الله في القلب

“الرجاء لا تخزي لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطي لنا، لأن المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعيّن لأجل الفجّار. فإنه بالجهد يموت أحد لأجل بار. ربما لأجل الصالح يجسر أحد أن يموت ولكن الله بيّن محبته لنا ، لأنه بعد خطاة مات المسيح لأجلنا” رومية5: 5-8

تزداد دهشة المؤمن عندما يتحقق من كلمات كل معجزة. تأتي هذه المادة، مدوّن عليها “هذه لخصوصيتك” . يستنشق العبير، يشعر في الحال كما لو كان في حلم سماوي، إنه عطر لكن ليس مثل أي عطر عالمي. إذ يدقق ا المؤمن في العطر الخصيب يشعر بشذي المحبة التي تستأثر بكل كيانه.

يقول بولس في هذه الآيات أن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس ، يبدأ يوضح أن هذا السكيب قوي حلو، أن المسيح مات لأجل الأشرار. يعتبر هذا النص الكتابي امتداد يوحنا 3: 16. رسالته المركزية جلية المعالم. إذ ينسكب طيب المحبة الثمين علي قلب المؤمن ـ ينتشر العبير في كل مكان بقوة مطلقة عظيمة وقاطعة. ” من سيفصلنا عن محبة المسيح. … إنني متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخري تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا” رو 8: 35& 38-39

  محبة الله تتخلل أرواحهم ولديهم الكثير منها لمشاركة الأخرين.

 محبة الله هي الحقيقة السائدة في العالم ولا شيء يمكن أن ينزعها لأنها عظيمة. أعظم من كل مشاكل العالم وهي تزيل المشاكل مثل ندي الربيع

يتحدث بولس عن المحبة التي انسكبت في قلوب أولاد الله، مثل تقدمة السكيب علي المذبح في أوانه ، مثل دم المسيح الذي يسيل من أجل خطايانا ويمحوها إلي الأبد. ونحن نلاحظ أن الروح القدس هو الذي يسكب هذه المحبة بعناية في مكان الاحتياج. ليس الله بخيلا، محبته تفيض علينا وتغمرنا لحما وعظما وقلبا. فنحن عبرها إلي الأبد.

المادة السادسة: الحفظ الإلهي: ” لأنه وإن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه فبالأولي ونحن مصالحون نخلص بحياته” رو 5: 9-10

  موت المسيح هو آداة مصالحتنا، وحياة المسيح هي آداة حفظنا.”

تعدنا هذه ا المادة أن يكون ربنا هو حياتنا الذى يرافقنا ويقوينا في كل مكان وكل طريق. يتحقق المؤمن أنه بين مخاطر الأحراش الرهيبة يوجد الصليب الذي يوضّح مكان الكنز. والآن في قلب المركز يوجد الصليب، وحيثما يذهب، إلي مكان واضح أو غير واضح، يلقي الصليب ظلاله مقدّما له سلطان المسيح وملكوته.

 المادة السابعة: الافتخار بالرب: ” نفتخر أيضا بالله بربنا يسوع المسيح الذي نلنا به الآن المصالحة” رو5: 11

 يقول بولس ونحن “نفتخر” هذا هو الأمر الذي يعلّمنا الافتخار والفرح الذي يتحول إلى السعادة إذ “كنا ضالين فوجدنا”. عاشت قلوبنا في الخوف سابقا، والآن تحررنا منه. فلا يملكنا إلا الابتهاج.

 

Comments are closed.