باخوميوس (292 – 348)

ضياء الفاهمين

باخوميوس (292 – 348)

    مؤسس الرهبنة الديرية

الأنبا باخوميوس هو مؤسس الرهبنة الديرية في مصر (حوالي 300 م)، وله عدّة كتابات باللغة القبطية التي لم يعرف غيرها، ولد القديس الأنبا باخوميوس حوالى سنة 292 ميلادية في إقليم طيبة (الأقصر) من عائله وثنية لا تعرف الإيمان بالمسيح، ودعاه أبوه باسم (بخوم) وهي كلمة قبطية تعنى (نسر).

اهتم به أبواه وأدباه بالآداب الوثنية وعلماه أصول العبادة الوثنية وتثقف فيها بكل صنوف فلسفتها.. وفي وسط هذا الجو المملوء بالدنس والانحلال وقد غابت فيه شمس الطهارة نشأ باخوميوس وهو يبحث عن النور ويتطلع إلى شمس البر.. فقد كان قلبه ينفر من الشر ويرفض الدنس ويهرب من الرذيلة ويزدرى بالتعاليم الوثنية ويبحث عن الحق ويتطلع إلي حياة أفضل.. احتقر العبادة المرذولة التي لإبليس وذلك نلمسه من عدة مواقف منها:

+ جاء والده يوماً بنبيذ من تقدمات الأصنام وعبادة الأوثان، أما الصبى  فما أن شرب منه اليسير إلا وهاجت عليه معدته ورفض جسمه كل مشروب من قبل الأوثان والعبادة المرذولة.

 + ذات مرة إصطحبه والده إلى هيكل الأصنام. وما أن رآه كاهن الأوثان إلا وصرخ بصوت عال قائلاً: إبعدوا عدو الألهة من هنا، إبعدوا عدو عبادتنا وعدو آلهتنا، إبعدوه عن هيكلنا واحتفالاتنا.

فاغتم أبواه مما يرانه من جهته وكانا دائماً يسألونه لماذا تغضب منه الآلهة؟!! كان كهنة الأوثان ينزعجون لحضوره ويطالبون والديه بعدم حضوره مرة أخري رأونه بأنفسهم  يزدري               الأصنام ويتحدى الأوثان الباطلة.

بعد أن أكمل من العمر عشرون عاماً تجند باخوميوس في إحدى فرق الجيش لمحاربة والي الحبشة المتكبر.. وبناء على أمر الإمبراطور مكسيمانوس شرعت تلك الكتيبة بتنفيذ أمر الإمبراطور.. وهم في طريقهم عن طريق النيل وصلت الكتيبة إلى مدينة لاتوبوليس (حالياً مدينة إسنا محافظة قنا)، وكان معظم جنود الكتيبة في حالة إعياء شديد.. فاستراحوا هناك.. فخرج عليهم أهل تلك المدينة بالكرم والسخاء والمحبة الفياضة والوجه البشوش، الأمر الذي أثار كوامن باخوميوس فجلس يتأمل محبة هؤلاء الناس الذين أحسنوا ضيافتهم، فسأل ما هي عقيدتهم فعرف أنهم يعبدون المسيح، فكانت الإجابة من رجل شيخ وقور شرح له من هو المسيح الذي هو الإله المتجسد الذي جاء لخلاص جنس البشر والذي جاء لكى يحمل الآثام ويبرر الخطاه، فوجد ما يشبع قلبه وما يروى ظمأ نفسه. امتلأت نفسه بالرجاء لخلاص نفسه وقرر بقلبه أنه لا غنى عن المسيحية بل وتكريس نفسه لأجل خدمة جنس البشر وبدأ فيه نبض الحياة.. وبدأ الصلاة.. (أيها الإله الحقيقى وحدك.. إقبل عبدك الملتجئ اليك والمعترف بلاهوتك.. إرشدنى إليك لأنى لم أعرفك..أنظر إلى وخلصنى.وها أنا أتعبد لك كل أيام غربتى وأصنع مشيئتك وأخدم الجميع حسب وصيتك)

وبينما كانت نفسه في الاشتياق الكامل ونبض الحياة الأبدية سريع جاء الخبر السعيد بأن الإمبراطور قسطنطين انتصر على الأعداء وأصدر أمراً بتسريح جميع الجنود، فرجع كل واحد إلى مدينته وإلى بيته وهو متهلل سعيد بما يراه وأن هذه علامات واضحة لقبوله الحياة الجديدة.

كانت الرهبنة قبل القديس الأنبا باخوميوس تسير بنظام التوحد، وكان الجبل أو الوادى أو البرية المترامية مسافات بين كل راهب وآخر إلا أن الأنبا باخوميوس قام بجمع الرهبان في حياة شركة تحيا كل فئة مع بعضها يتعاونون ويحترمون بعضهم بعضاً.. ولما زاد عدد الأخوة وإتسعت الخلية الرهبانية بنى لهم القديس الأنبا باخوميوس عدة أديرة متفرقة في أماكن أخرى وجعل لكل دير رئيساً.. أما هو فصار الرئيس الأعلى لحياة الشركة الباخومية ولنظام هذة الأديرة التي بلغت حوالي عشرة أديرة، وبلغ عدد الرهبان حوالى عشرة آلاف راهب.. وبذلك صار الأنبا باخوميوس أب الشركة في النظام الرهبانى في العالم كله.. لم يقف انتشار نظام الشركة الباخومى على مصر فقط بل أنتشر في العالم كله:

 

 

 

Comments are closed.