دعوة الله

طول السنين

 

لتعلموا ما هو رجاء دعوته، وما هو غنى مجد ميراثه في القّديسين, وما هي عظمة قدرته الفائقة لنا نحن المؤمنين” (أف 1: 18 – 19)

عصر التكنولوجيا

تعمل القوة المحركة بفاعلية في مختلف نواحي حياتنا. أصبحنا لا نستطيع العمل بدون المحركات القوية ففي حقل المواصلات, نحتاج إلى هذه القوة لتسيير السيارات والشاحنات والباصات والطائرات. ونلجأ للحصول على القوة الدافعة للمحركات إلى الطاقة المستخرجة من المنتجات البترولية. وأصبح بمقدور الإنسان أن يسخّر الطاقة النووية للأغراض الحربية والسلمية. القوة المنبعثة من انقسام الذرّة! تقذف القوى الهائلة المندفعة من الصواريخ مركبات الفضاء لتسبح فيه متغلّبة على جاذبية الأرض. عصرنا هو عصر الطاقة. من الجانب الأخر نحن نعيش في عالم خاضع بالتمام لله القدير.

حضارة القرن

أضحت حضارة القرن ذات طابع مادّي وإلحاديّ وصار العديدون من معاصرينا يخالون أنهم قادرون بأن يعيشوا في عالم تسيطر عليه القوى البشرية ولم يبق فيه مجال للإيمان بالله الخالق والمعتني بكل ما في الوجود. لكن ونحن نستفيد من تطبيق مختلف الاختراعات الحديثة علينا أن نتذكر أنها أتت إلى الوجود حسب مشيئة الله الصالحة.

فداء المسيح

ونلاحظ كيف أن الرسول بولس تغنّى بمحبة الله للمؤمنين في أفسس بأن إيمانهم بالمسيح واختبارهم لعمله الفدائي طمأن قلوبهم باختيار الله لهم قبل إنشاء العالم. وكانت غاية الله بأن يجمع كل شيء في المسيح أي أن يجعل سيادة للمسيح يسوع شاملة لكل ما ومن في الوجود.

العيون المستنيرة

وبعد أن أفهم الرسول أهل الإيمان في أفسس بأنهم لدى إيمانهم بالمسيح المخلّص ختموا بروح الموعد القدوس, ذكر أيضاً اهتمامه الدائم بهم وبحياتهم الروحية

لذلك أنا أيضاً, إذ قد سمعت بإيمانكم بالرب يسوع وبمحبتكم لجميع القديسين, لا أنقطع عن الشكر لأجلكم وعن ذكركم في صلواتي, لكي يعطيكم إله ربنا يسوع المسيح أبو المجد, روح الحكمة والوحي في معرفته, لتستنير عيون قلوبكم فتعلموا ما هو رجاء دعوته, وما هو غنى مجد ميراثه في القّديسين, وما هي عظمة قدرته الفائقة لنا نحن المؤمنين بحسب عمل قدرة قوته, الذي أتمّه في المسيح إذ أقامه من بين الأموات وأجلسه عن يمينه في علياء السماويات, فوق كل رئاسة وسلطان وقوة وسيادة وكل اسم يسمّى, ليس في هذا الدهر فقط بل في الآتي أيضاً. ولقد أخضع كل شيء تحت قدميه وجعله رأساً فوق كل شيء للكنيسة, التي هي جسده وملء الذي يملأ الكل في الكل.” قد اصطفانا الله في المسيح يسوع قبل إنشاء العالم ومنحنا هبة التبني ومغفرة الذنوب والآثام.

دعوة الله

1: رجاء الدعوة الإلهية,

وهكذا ذكر الرسول بولس أهمية التشبث برجاء الدعوة الإلهية. وتعني كلمة رجاء التطلّع إلى المستقبل, إلى يوم عودة المسيح إلى العالم وظهور ملء ملكوت الله. ففي ذلك اليوم العظيم سيظهر نصيبه الباهر في نعيم الله مع سائر القديسين. وإلى أن يجيء ذلك اليوم العظيم يتوجّب على أهل الإيمان بأن يتسربلوا بلباس الرجاء

2: غنى مجد ميراث المؤمنين والمؤمنات,

ولم يكتف الرسول بولس بالكلام عن يوم النصر العظيم, يوم عودة المسيح وانتهاء المشاكل التي كانت تقض مضجع المؤمنين بل تكلم عن الحياة في ملكوت الله كحياة مليئة بالأمجاد التي يهبها الله لهم. وبعبارة أخرى, لم يصف بولس حياة الملكوت السماوي في مرحلته الحالية كحياة خالية من المصاعب والآلام والعذابات والاضطهادات, بل ناشد أهل الإيمان في أفسس ليتأملوا في الأمور الإيجابية الباهرة التي ستكون من نصيبهم نظراً لما كسبه لهم فاديهم يسوع المسيح. و يعدّ هذا الكلام الرسولي كالشهادة الصادقة عما يكنـزه الله لمصلحتنا في الدهر الآتي.

3: عظمة قدرة قوّة الله العاملة في حياة المؤمنين والمؤمنات.

ولكن كيف تتمّ هذه الأمور الباهرة؟ كيف أستطيع أنا الإنسان الشقيّ المعذّب والضعيف, كيف أقدر بأن أركّز أفكاري على أمور مستقبلية؟

الجهاد اليوميً:

تتطلب مني حياتي الأرضية بأن أجاهد يومياً للحصول على قوتي وكسائي وسائر ضروريات الحياة. أجد نفسي محاطاً بحضارة عالمية دهرية ومادية, كيف أعلو فوق أفق هذه الحضارة وأفكر جديّاً بما يخبئه الله لي من أمور باهرة لدى عودة المسيح إلى العالم؟ يكمن الجواب في أن الله هو الذي يمنحنا القوة والمقدرة لنتخطى الصعوبات التي تعترض سبيلنا. وإذا ما تساءلنا: كيف يتم هذا؟ وعلى أي أساس أبني يقيني بأن لا أكون من الفاشلين في اليوم الأخير؟

يذكّرنا الرسول بأن الله قدير وقد أظهر قوته بكل جلاء ووضوح عندما أقام المسيح من بين الأموات وأجلسه عن يمينه في السموات, فوق كل رئاسة وسلطان وقوّة وسيادة وكل اسم يسمّى في هذا الدهر وفي الآتي أيضاً.

الذين يعتنقون آراء الحادية يصبحون عبيداً لها ولا يمتنعون عن أعمال الإرهاب و التنكيل بأقرانهم بني البشر. ومع أننا لا نستطيع أن نفهم جميع تفاصيل التاريخ القديم والمعاصر, بما في ذلك المآسي ذات الأبعاد الهائلة التي تحصل في أيامنا هذه, إلا أننا نشهد بأن المسيح هو سيد التاريخ وأن المعتدّين على شرائع الله سوف يعاقبون لا محالة في هذا الدهر وفي يوم الحساب.

سيادة المسيح

ويتابع بولس قائلاً:” ولقد أخضع أي الله الآب كل شيء تحت قدميه وجعله رأساً فوق كل شيء للكنيسة, التي هي جسده وملء الذي يملأ الكل في الكل.”

كلمات صريحة لا تقبل التأويل. أخضع الله كل شيء بدون استثناء للمسيح, وجعله رأساً فوق كل شيء. ماذا تعني عبارة: كل شيء للكنيسة التي هي جسده؟ تظهر سيادة المسيح في هذه الحقبة من التاريخ ضمن الكنيسة أي ضمن جماعة الإيمان المتكوّنة من مؤمنين ومؤمنات من سائر الأقاليم والشعوب. كل من آمن بالمسيح كمخلّصه من الخطية يؤمن في نفس الوقت بسيادة المسيح على حياته وعلى مسيرة التاريخ البشري. الكنيسة جسد المسيح ليست بمفردها أو بمعزل عن ربّها ومخلّصها. الكنيسة جسد المسيح والمسيح رأسها المدبّر.

وسيادة المسيح في العالم ليست سيادة سياسية أو عسكرية, سيادة المسيح المخلّص بواسطة عمل الروح القدس في قلوب الناس وبواسطة المناداة بكلمة الله التي هي في لبّها إنجيلاً أي خبراً مفرحاً. هذا هو العمل الرئيسي الذي أسنده المسيح الظافر للكنيسة. ومتى تكون الكنيسة مطيعة لربها وتقوم بعملها بفرح عظيم. تنتشر سيادة المسيح في القلوب المؤمنة به والعاملة بكلمته المحرّرة

أغني شخص

جاء أغني شخص في المقاطعة إلي المدينة ورأي خزى مرتكبي الشرور الاجتماعية وهم يرزحون في الطرقات المظلمة مثل الخنازير في المستنقعات. مجرمون بكل أنواع الجريمة. دخل إليهم وحمل وزرهم علي نفسه لكي يخرجهم من الوحل ويرفعهم إلي قصره المنيف. هناك غسّلهم بيديه و أطعمهم، ثم أخبرهم أنه تبناهم كأبنائه. وكل ماله هو لهم. لابد أن تتحرك مشاعر هؤلاء الأبناء من الأعماق ولا نراهم يعودون إلي بؤر الفساد مرة أخري

Comments are closed.