صراع القلوب والعقول

دليل المسافرين

“تعرفون الحق والحق يحرركم”يوحنا 8: 32

إن انتشار الصراع حول القيم في كل أنحاء العالم أمر يثير الغضب الشديد. تتصارع الأطراف بوجهات نظر مختلقة ومتنافرة في نضال مرير يتخلل كل عناصر المجتمع.

إنه صراع الأفكار.. صراع بين وجهات النظر العالمية.   فى جانب منه تقف وجهة النظر المسيحية، بينما تقف فى الجانب الأخر وجهات نظر النزعات الإنسانية فى أقسامها الثلاثة المعروفة: الحركة الإنسانية العلمانية، الماركسية ثم الحركة الإنسانية الكونية (حركة العصر الحديث). وبينما لا تتفق هذه الحركات الثلاث فى تفاصيلها، فإنها تلتقى بالإجماع عند نقطة واحدة-هي مقاومتها للمسيحية الكتابية. ولكي يحوز المسيحيون النصر، يجب أن يتفهموا الأزمنة وأن يكونوا” خبيرين بالأوقات ” 1أى 12 :32

 

تعريف وجهة النظر العالمية

تشير وجهه النظر العالمية إلى أي أيدلوجية، فلسفة، عقيدة، حركة أو دين يعطينا فكرة شاملة عن الله، العالم وعلاقة الإنسان بالله والعالم. وتشمل هذه الأيدلوجية وجهة نظر عالمية، بالأخص في الأنظمة العشرة التالية: العقيدة، الفلسفة، الأخلاق، الأحياء، علم النفس، الاجتماع، القانون، السياسة، الاقتصاد والتاريخ.

تتضمن المسيحية الكتابية اتجاها معينا نحو هذه الأنظمة العشرة يطلق عليه وجهة نظر عالمية. تحتوي علي العقيدة نطلق عليها وجه نظر عالمية دينية.

وتعتبر الحركة الإنسانية العلمانية والماركسية/ اللينينية حركتين دينيتين، لان لكل منهما عقيدتها الخاصة. ولكل منهما وجهة نظرها العالمية، لأن كل منهما تخاطب بطريقة مباشرة باقى الأنظمة التسعة الأخرى. وتعتبر حركة العصر الجديد (الحركة المسكونية الكونية) أقل من أن توصف كوجهة نظر عالمية.

وتقدم كل وجهة نظر مفهوما معينا من خلاله تقترب إلي أي نظام آخر. وعلى العكس يتخذ كل نظام قيمته العظمي مما تتضمنه وجهة نظره. يجب أن يفهم المسيحيون أن هذه الأنظمة لا تخلو من قيمة عملية، ويحتاج كل نظام إلي وضع فروض لطبيعة الحقيقة المتضمنة فيه حتي يمكن معرفة المغزي . نوضح هنا وجهات النظر العالمية الاربعة في كل من الانظمة العشرة.. وهي تعمل علي تماسك واندماج في كل الافتراضات الخاصة بالحركة، تقسيماتها ونتائجها المتعددة.. نحاول ان نتفهم كل نظام علي حدة ومدي ملائمته للنظرة العالمية. لا يمكن ان يقف أي نظام بمفرده. لكن كل نظام يؤثر بطريقة ما في الأنظمة الأخري. لا يمكن وضع حد فاصل بين نظام وآخر. الخط الذي يفصل العقيدة عن الفلسفة خط هش. والخط الذي يفصل بين العقيدة، الفلسفة، الاخلاق، القانون أو السياسة هو خط أكثر ضعفا. وفي الحقيقة لا يوجد خط فاصل مطلق، لكن يوجد اختلاف في والأفكار.

ومن الواضح أن الفروض العقائدية والفلسفية هي التي تشكل وجهة نظر الشخص. يمكن تنظيم علم الاجتماع مع علم النفس لأنهما مرتبطان وإن كانت الروابط و المميزات الأخري أقل وضوحا. لذا يشعر أحد القراء أننا نظلم القانون عندما نضعه بعيدا عن الأخلاق. ويشعر قارئ أخر أن القانون أساسي للفلسفة.

 

لا يوجد ترتيب واحد على أساسه نقرأ هذه الفصول. نحن نقدم ترتيبا منطقيا. ومهما كان الاتجاه لنتذكر أننا ندرس أربع وجهات نظر عالمية تلقي أكبر تأثير على الإنسان. وتوجد وجهات نظر أخري لكنها أقل قوة. على سبيل المثال تؤثر الكنفوشية تأثيرا كبيرا على بعض دول الشرق لكنها لا تمثل قلقا علي الغرب. التفكير الرئيسي متضمن في الوجهات العالمية الأربعة. وجهة النظر المسيحية والحركة الإنسانية العلمانية، الماركسية ثم الحركة الإنسانية الكونية (حركة العصر الحديث).

وجهة النظر المسيحية                                                                         تركز على المسيحية لأنها وجهة النظر الوحيدة التي تزودنا بتفسير مستمر لكل عناصر الحق بالمقارنة مع العقيدة، الفلسفة، الأخلاق، الاقتصاد أو ٍأي شىء آخر. نظام الإيمان الذي يعتنقه الإنسان المسيحي كما هو وارد في الإعلان الإلهى نظام متلائم تماما مع كل أمور الحياة اهتدي الفيلسوف ك. ي. جواد إلي المسيح وهو يبحث عن الحق في علم الأخلاق.   كتب جواد يقول ” إننى أؤمن أن أي اعتبارات متزنة منطقية هي التي تعلن عاليا وجهة النظر المسيحية”6. أدرك جواد حاجته إلي الحق المطلق أكثر من حاجته إلي حق يتطور مع كل اكتشاف جديد. ” يمكن أن نقبل عقيدة متطورة باستمرار لتتلاءم مع صورة العلم دائم التغيير، ولكن لا يمكن أن تكون هذه العقيدة جديرة بأن نؤمن بها”. غالبا ما توصف أمريكا بأنها أمة مسيحية. لا توجد دولة واحدة في العالم كله يظهر فيها نفوذ المسيحية علي البشر أكثر من أمريكا. ولا يوجد أمر آخر عظيم يستخدم كدليل على هذا ويتطابق مع الطبيعة البشرية أكثر من أن نشعر بهذا التأثير القوي علي أعظم دول العالم تقدما وحرية. يجب علي من يبحث في تطوير حقوق الإنسان والحرية، أن يخلص الولاء لوجهة النظر الوحيدة، وجهة النظر المسيحية التي تعتبر مسئولة عن وجودها. لكن لسوء الحظ يعتنق الكثيرون وجهات نظر أخري مثل النزعة الإنسانية العلمانية، الماركسية والنزعة الإنسانية الكونية.

لكن لسوء الحظ ابتعدت أمريكا وباقي دول الحضارة الغربية عن ميراثها. يقوم العالم الغربي باستئصال الجزء الأكبر من معالم المسيحية من الميادين العامة. تناضل أمريكا أن تتحرك إلى الاتجاه المضاد- إن اندفاع أمريكا نحو روح العالم والظلم جعل المجتمع المسيحي يفشل في تطبيق التعاليم المسيحية على كل مظاهر المجتمع. مشكلة المسيحيين الأساسية في هذه البلاد في السنوات الثمانية الأخيرة سواء فيما يختص بالمجتمع أو الحكومة، هي نظرتهم إلى الأمور كأشلاء صغيرة وليست ككل. قد تشتت المسيحيون بالتدريج بين الإباحية وتسيب المدارس العامة، التدهور الأسري والإجهاض. والمشكلة هي غياب النظرة الكلية للحياة- وكل أمر منفصل هو عارض لمشكلة أكبر جدا. أخفق المسيحيون أن يروا أن هذه الأمور جاءت نتيجة التحول عن وجهة النظر المسيحية الأساسية- عن طريق التغيير الذي حدث في أسلوب تفكير المجتمع ورؤية الناس للعالم والحياة ككل

المسيحية هي تجسيد إعلان المسيح بأنه هو ” الطريق والحق والحياة” (يو14: 6). وعندما نقول بأن هذا هو أسلوب مسيحي فإننا نقصد أن يكون هو الأسلوب الذي يريدنا المسيح أن نتبعه. إنه أمر جيد أن نفكر ونعمل كما يعلمنا المسيح. وتتفق المسيحية مع إقرار عالم الحركة الإنسانية برتراند راسل في أن ” ما يحتاجه العالم هو المحبة والحنان المسيحيين”8.

تأتي هذه الملائمة من حقيقة أن المسيحية هي النظرة الوحيدة المؤسسة علي الحق. المسيحية دين حقيقي. يمكنك أن تتأكد من ذلك في أي مكان. جاء جيلدر الفيلسوف الاقتصادي البارز، وعالم الاجتماع المعروف إلي المسيح وهو يبحث عن الحق في علم الاجتماع.

وجهة النظر الملحدة. تصبح هذه الحقيقة مصدر شؤم كبير إذ نتحقق أن بعض الجماعات المسيحية تحاول أن تربط العقيدة المسيحية بالمبادئ الماركسية. تعتبر الأصوات الإنجيلية ” يسار مسيحي” لأنها تؤيد الوضع الماركسي. لم يري مجلس الكنائس العالمي حرجا في عقد اجتماعاته خلف الأسوار الحديدية قبل تفككه. من السخرية أن نرى أن الكثير من الكنائس الأمريكية تتدهور لا تضع الكنائس الأمريكية الليبرالية (التحررية) في الحسبان هذا التنافر العظيم بين إيمانهم وبين وجهة النظر الماركسية العالمية. كان الاتحاد السوفيتي (تحت الحكم الماركسي) هو أرض هدمت فيها الكنائس حيث يثور الإلحاد بلا ضوابط في ثلثي القرن، وحيث يذل رجال الدين تماما ويحرموا من كل استقلال. وإن وجد نوع من التسامح مع ما تبقي من الأرثوذكسية الروسية كمؤسسة فقط، فهو من أجل الدعاية الموجهة للغرب، حيث يرسل الشعب حتى يومنا هذا إلي معسكرات سجن جزاء إيمانهم. وحيث يصعق داخل هذه المعسكرات كل من يجتمع للصلاة في عيد الفصح. لماذا إذا – في ضوء هذه الأحداث- يحتاج الشخص أن يدرس وجهة نظر الماركسية / اللينينية؟ انهارت الماركسية في دول عديدة اكنها لا تزال تحتضن دولا أخرى في قبضتها المميتة. وأنه حتى لو ترنحت دولة من الماركسية، فإن الناس في كل مكان لا يزالوا يقاسون من نتائجها. تكره الماركسية الإقامة المتواصلة فى مكان واحد، لكنها سوف تسحق المؤمنين بوجهات نظر منافسة بآى طريقة ممكنة    إن الخطوات الواسعة التي خطتها الماركسية داخل جامعات أمريكا فى العشرين عام الأخيرة هي خطوات مثيرة جدا. لقد تأثر كل الدارسين فيها من خططها وتعاليمها، ويوجد في كل كلية عالم ماركسي مقيم بين أعضائها. وقد تزايد الوجود الماركسي داخل الحرم الجامعي- هذا التواجد تشجعه إدارة الجامعة حيث يدفع الأدب الماركسي للناقدين في جامعة ديوك مرتبات عالية. في مارس 1987 استضافت جامعة ديوك مؤتمر علماء الماركسية من الجنوب الشرقي، حيث قام رئيس الجامعة- بشكر نحو مائة أستاذ ماركسي وبتخريج الدارسين النشيطين فى علم الاجتماع في ديوك. صارت الماركسية منشرة في أنحاء عديدة في كلية علم الاجتماع. قامت برعاية هذا المؤتمر دار تحرير التهذيب المارك سيMarxist Education Press. ” التي تأسست في جامعة منيسوتا وبرنامج ديوك الخاص بالنظرة الماركسية في المجتمع.

وقد وصل النفوذ الماركسي إلى ارتفاع خطير في أقسام العلوم الإنسانية في جامعات أمريكا. في جامعة ييل ” ، فإن أعظم عمل تحرري له قيمته العظيمة في الكليات والجامعات هو وضع اللائحة الأساسية في مركز مناهج العلوم الإنسانية على المستوي الجامعي وقبل الجامعي. جامعة ديوك فى تقدم علمي نحو الماركسية. وأنها قادت في فترة وجيزة أعمالا ناجحة وهي تزود أقسام الدراسات الاجتماعية بنقاد تحررين ماركسيين وجهة النظر الماركسية موجودة بصورة حية داخل حجرات الدراسة هي دور حضانة للشيوعية

تسود الماركسية فى الوقت الحاضر بعض دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية (متنكرة في ستار لاهوت معاصر) وبصورة لا تصدق في الحرم الجامعي فى أمريكا. كتبت صحيفة أخبارالولايات المتحدة والعالم مقالا بعنوان “الماركسية في فصول الولايات المتحدة بأنه يوجد أكثر من عشرة آلاف أستاذ جامعي ماركسي وأنه يمكن أن تزيد نسبة عدد الكليات الماركسية علي تسعين في المائة في بعض جامعات غرب الوسط.

الماركسية هي وجهة نظر عالمية ملحدة. وهي أكثر ثبات على مبدأها من أي من النزعتين الإنسانيتين العلمانية أو الكونية. وقد طورت الماركسية وجهة نظرها الخاصة مع الأنظمة العشرة بصورة مفصلة. غالبا ما تبرز الماركسية أحد أبطالها في الميادين المختلفة. وهي بهذا تجذب الأنظار في أن تجعل دراسة نظرتها أمرا جديرا بالاعتبار. يصعب على المسيحيين التعامل معها نظرا لأنهم يدركون أن الماركسية واحدة من أكثر الحركات التي تحط من قدر المسيحية.

  • النزعة الإنسانية العلمانيةيعرف أصحاب النزعة الإنسانية أن الفصل الدراسي هو أكبر قرينة لتلقين العقيدة.   يفهمون أنه توجد وجهات نظر عديدة وأنه يجب أن يستخدم رجال الحركة الإنسانية الفصل الدراسي لتنوير غير المستنيرين وتشجيع الأفراد علي معانقة وجهات نظرهم. أزيلت المسيحية عمدا وبطريقة بارعة من نظام التعليم الأمريكي. ويمكن أن نري اتجاه التعليم الأمريكى نزولا من عهد يوناثان ادواردز 1951 والتأثير المسيحيين خلال حورس مان 1842، والتأثير التوحيدي من جون ديوي 1933، في نفوذ النزعة الإنسانية. تقوم هذه الفلسفات بمسح عقول طلاب الجامعة المسيحيين لا يشفي كثيرون من تعاليم هذه الفلسفات التى وضعت تعليم الإلحاد بدلا من العقيدة النقية، الانحراف بدلا من التوحيد، وتعليم المادية، التطور، النزعة الكونية.. إلخ لهذا، يعاني كثيرون لمدة سنوات من فقد إيمانهم.. وتوجد أسباب أخري لفحص وجهة نظر النزعة الإنسانية هو أن كثيرين – بالإضافة إلى تبرنر- لهم مراكز مؤثرة في المجتمع – لهم منذ أعوام طويلة النفوذ العظيم في علم النفس. قدم العالم الإنساني كارل ساجان للعالم مبادئه الفلسفية في سلسلة إذاعية تلفزيونية. وصار من الواضح أن الإنسانيين يقومون بتدعيم وجهة نظرهم بإخلاص أكثر من المسيحيين.

 

    1. ليست جامعات أمريكا وحدها هي ميدان نفوذ النزعة الإنسانية العلمانية، لكن العديد من وسائل الإعلام تنشر وتوزع وجهات نظر هذه الحركة. كان عالم النزعة الإنسانية لعام 1990 تيد ييرنر هو الرئيس التنفيذي للإذاعة التي تحمل اسمه، صاحب المحطة الرئيسية تي بي اس وسي إن إن، محطة أخبار سي إن إن الرئيسية وشبكة تيرنر التليفزيونية (تي إن تي). في عام 1985 أسس تيرنر مجتمع العالم الأفضل وهو يقدم في الوقت الحاضر خمسمائة آلف دولار لمن يبتكر وجهة نظر عالمية تلائم مجتمع العالم الأفضل. قرر تيرنر أن المسيحية هي” ديانة الخاسرين” وما كان ينبغي أن يموت المسيح علي الصليب وقال:”لا أريد أن يموت أى شخص نيابة عني. عندي مشروبات وصديقات كثيرات، وبعد أن أنتهي من كل ذلك وضعني في الجحيم. “قرر تيرنر أن الوصايا العشر مضي عليها الزمان”. ووضع بدلا منها تعاليمه الخاصة التى يقرر فيها “أعد أن يكون عندى محبة واحترام لجميع سكان الأرض وبالأخص رفقائي البشر وأن أعامل الجميع بكل كرامة، احترام، ومودة وأعد ألا يكون عندي أكثر من طفلين أو ما تقترحه الدولة. أرفض القوة على الأخص القوة الحربية. أرفض تحكم هيئة الأمم المتحدة في النزاعات الدولية. لكننا نؤيد الأمم المتحدة وجهودها في تحسين أحوال العالم كله “
    2. كان يوناثان إدوارد عنده الكثير ليقوله أكثر من جون ديوي. يجب أن تعود المسيحية مرة أخري إلي الميدان العام وتؤثر في سياسة التعليم. وجهة النظر المسيحية تنافس عقيدة ديوي (كما هي واردة في قانون الإيمان العام). لكن معظم المراهقين المسيحيين يقبلون تعاليم أساتذتهم الأكبر سنا وحكمة دون نقد، فيجدون أنفسهم معرضين لوجهة نظر النزعة الإنسانية. يقول هوشع ” قد هلك شعبي من عدم المعرفة ” هو4: 6
    3. ليست الماركسية هي النظرة الوحيدة التي تهدد وتستأثر بالفصل الدراسي. لكن النزعة الإنسانية العلمانية تأتي لتنافسها في الهيمنة على التعليم. وحقيقة الأمر أن هذه النزعة تسود كلياتنا وجامعاتنا. وقد حازت مكاسب كبيرة في العديد من الجامعات المسيحية. ويري المسيحيون أن التعليم الجامعي يجب أن يتمكن جيدا من وجهة نظر النزعة الإنسانية وإلا ستخاطر الجامعات بفقدان وجهة نظرها المسيحية الخاصة وتعتبر متخلفة. لأن أساتذة النزعة الإنسانية لا يقدمون النظرة المسيحية بدقة بينما كثير من رجال التربية المسيحيين يشعرون بالتزامهم بالواجب في أن يضعوا تقديرا عادلا لوجهة نظر النزعة الإنسانية.
  • النزعة الإنسانية الكونية:

ظهرت في السنوات الأخيرة وجهة نظر عالمية رابعة – حركة العصر الجديد.، ينطبق عليها الوصف الدقيق” الحركة الإنسانية الكونية.” تعتنق الحركة ازدراء ملحوظا للعقيدة، ولا يمكن تعريفها مثل وجهات النظر الثلاث الأخرى. يذهب أعضاء العصر الجديد ليعلنوا وجهة نظرهم بأنها ” ليس لها عقيدة دينية ولا تعاليم في ذاتها وأن الحق كائن في كل فرد ولهذا لا يمكن أن يعلن أحد عن جانب من الحق ولا أن يملي الحق لشخص أخر. العصر الجديد هو الدين المنتقي الكامل للنفس، وكل ما تقرر أنه صائب هو صائب طالما أنه لا يغلق فكرك. ”

بالافتراض بأن الحق ساكن في كل شخص فإننا نضع حجر زاوية وجهة نظر عالمية أن يمنح الشخص نفسه السلطان أن يميز الحق في مجالات العقيدة المتشعبة.

لخص يوناثان ادولف هذه النظرة في شكلها وهيكلها الخاص “يمكن أن يوصف تفكير العصر الجديد كالصورة اليوطوبية (خطة مثالية للإصلاح السياسي) التي ترغب في خلق مجتمع أفضل في العصر الجديد الذي فيه تعيش البشرية في تلائم مع نفسها، مع الطبيعة ومع العالم.

بينما تبدو حركة العصر الجديد مشتتة لكنها تنمو بمعدل ملحوظ. عدد اتباع العصر الجديد في أمريكا يصل من 5 إلى 10% بنسبة لعدد السكان أي 12 مليون شخص أو أكثر وقدر البعض العدد ب 60 مليون شخص متضمنا الذين يؤمنون بالتناسخ والفلك. ويوجد أكثر من نصف بليون شخص يتبعون حركة العصر الجديد في العالم في العصر الحالي، يعملون في لجامعات الدينية العديدة.

أكثر من هذا، فإن الأشخاص التابعين للحركة الإنسانية الكونية يزدادون قوة في مجتمعنا وحول العالم. أحصي ملاخي مارتن عشرات المنظمات التي تعتبر إما منظمات العصر الجديد أو خلفية له. قالت بربارة ماركس هيبارد عند ترشيحها لنيابة الرئاسة عام 1984 أن الحركة الكونية تعتبر ” القوة الرابعة ” في نصف الكرة الغربي.

 نريد أن يكون من الواضح أن الماركسية والحركة الإنسانية العلمانية تتشابهان في طرق عديدة. يوضح هيكل هذه الدراسة أن العلاقة ليست عرضية أو سطحية. الاثنان عائلة واحدة. الحركة الإنسانية العلمانية هي الأم. يعود الفلاسفة الانسانيون إلي ميراثهم اليوناني منذ 400 سنة قبل المسيح. الماركسية هي الابنة. الإنسانية العلمانية هي الجذر والماركسية هي الأغصان. يتضمن قلب كل منهما وجهة نظر الإلحاد، المادية، التكاثر التلقائي، التطور والنسبية الأخلاقية. تعتبر الخلافات بينهما ضئيلة. صادق كل من كارل ماركس والعالم الإنساني بول كرتز على هذه التأكيدات. قال ماركس ” الشيوعية مثل الفلسفة الطبيعية في تطورها والمناداة بالتساوي في النزعة الإنسانية.” ويقول كرتز أن “ماركس شيوعي لأنه يرفض عقيدة التوحيد ويدافع عن الإلحاد ”

أكثر من هذا، تعتبر الإنسانية الكونية والإنسانية العلمانية عشيرة واحدة، ولا تزيد حركة العصر الجديد عن كونها نزعة إنسانية في قالب روحي. تعظم النزعة الإنسانية الذات البشرية وتكره المسيح وتنادي بالتناسخ واللاعقلانية في عزف سريع. بهذا خلقت وجهة نظر عالمية أخرى.   تدعي النزعة الإنسانية الكونية أنها تقابل احتياجات الإنسان الروحية – بينما لا يمكن أن يدعي هذا كل ماركس واتباع الإنسانية

Comments are closed.