قوة الأبوة

قوة المؤمنين




“فصلّوا انتم هكذا. ابانا الذي في السموات……..” مت 6 : 9

الأبوة الحقيقية

الأبوة الحقيقية هي علاقة محبة مستمرة وثيقة ينمو فيها الأب والابن بالقرب أحدهما من الأخر كل يوم . هذه هي الأبوة وهذه هي علاقة الله بنا . هو الآب الحقيقي . الأب الكامل هو الأب المعتني وهو الأب الذي له القدرة كما الرغبة في تلبية احتياجات أولاده العميقة . لكننا لا نختبر الله بهذه الصورة لأننا طورنا تفكيرنا عن الأبوة من علاقتنا الاختبارية مع آباءنا الأرضيين. ولسوء الحظ لدينا مفاهيم خاطئة عن الله الأب الحقيقي، حيث لا يوجد أب بشري كامل علي الإطلاق يمكن أن نستخدمه نموذجا لنا. ياله من فرق مدهش أن نتحقق أن الله هو أبونا وأنه لن يتغيب أبدا بل موجود دائما كل لحظة. أبونا السماوي أب حقيقي أب كامل له القدرة لمقابلة أعمـــــق احتياجاتنا.

احتياجاتنا الرئيسية

الحاجة إلي العبــادة

الحاجة إلي الانتماء

الحاجة إلي المحبــة

الحاجة إلي الــخـــير

الحاجة إلي الأمــــن

الحاجة إلي الرضـــا

الحاجة إلي القبـــول

الحاجة إلي عبادة الله

الحاجة إلي العبادة واحدة من أعمق الاحتياجات. حاجة الإنسان العظمي الحيوية لأن الله خلق الإنسان لكي يعبده.

تأتي كلمة ” العبادة ” من أصل كلمة ” الجدارة والاستحقاق ” وتصف القيمة التي تكمن في شخص ما أو شيء ما. لم يخلق الله الإنسان ليحيا مستقلا عنه بل من أجل علاقة وثيقة واعتماد كلي علي الله ولكي يحيا الإنسان الحياة كما قصد الله لها أن تكون في كل ملئها، يجب أن يقدم الإنسان لله ذي القدرة غير المحدودة والسمو المطلق، مكانته الأولي . يجب أن يعبده الإنسان . وبدون عبادة الله نحن لا نضعه في مكانه اللائق. وبالتالي سيكون كل شيء في حياتنا في غير مكانه . العبادة الصحيحة هي تقديم الجدارة لله. العبادة والعلاقة الوثيقة متصلتان معا عن طريق العبادة الحقيقية يمكننا أن نأتي لنعرف الله ونختبر حبه ورعايته عندما يسكن روحه فينا بالولادة الثانية في المسيح

الروح يهبنا القدرة علي أن نعبد الله العبادة الحقيقة وأن نضعه في مكانته اللائقة، نكرمه ونتعود الاتكال الكلي عليه في كل مجال في حياتنا. نصير في علاقة وثيقة صحيحة مع أبينا. في عصر يعتبر “القيمة الذاتية ” هي حاجة الإنسان الأساسية، نحتاج أن نتحقق أن القيمة الحقيقية – الفهم الحقيقي لمن نحن – يمكن أن يأتي من خلال العبادة الحقيقية، العبادة التي تأسست علي فهم من هو الله. ومن هم البشر وفي الحقيقة هي الجــدارة المطلقة الوحـيدة.

الحاجة إلي الانتماء إلي الله

الانتماء إلي الله يساعدنا علي أن نحقق الجانب المقابل وهو الاحتياج إلي الانتماء إلي الآخرين. في سفر التكوين الاصحاح الثاني قال الله” ليس جيدا أن يكون أدم وحده ” كلمة وحده في العبرية معناها ” منفصل ” إن كنا ننتمي حقيقة إلي الله ونتمتع بعلاقة العبادة الصحيحة له عندئذ يصير هو المحرك الأول الذي يأتي بالآخرين لإشباع الحاجة إلى الانتماء. يعمل الله هذا من خلال الكنيسة – الأسرة . من شعب له الفكر المشترك، المولودين من الروح القدس الذين يتعلمون أن يعتنوا بعضهم ببعض وهنا نشبع حاجاتنا إلي الانتماء

الحاجة إلي المحبة

الحاجة إلي أن نكون محبوبين هي حاجة أساسية عميقة. نحن نحتاج إلي المحبة المؤسسة علي ما نملك أو ما يمكن أن نحققه. نحن نشتاق إلي محبة غير مشروطة مبنية علي من نحن وعلي قدرتنا أن نحب وأن نكون محبوبين. تتصل مباشرة مع الله كأبينا ” نحن نحبه لأنه أحبنا أولا ” 1يو 4: 19. محبة الله لنا مؤسسة دائما علي –من نحن- طبيعته المقدسة غير المتغيرة ومحبته التي تسد الاحتياج بروح التضحية و ليست محبته محدودة بقرار. لقد أختار الله أن يسر بنا فيمن نحن كأولاده .لهذا محبته بلا حدود.

.

الحاجة إلي خير الله

أوضح الرب هذا في مت 6 أن الإحساس بالكيان الصحيح لا يأتي مما نمتلك، بل ممن هو أبونا الســماوي.

“فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل أو ماذا نشرب أو ماذا نلبس فإن هذه كلها تطلبها الأمم لآن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلي هذه كلها. اطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم. ” مت6: 26

لقد وعد أبونا أن يقابل كل احتياجاتنا. ونحن ننتمي إليه. يفتح عيوننا لكي نري غناه الفائق الذي يعرف أننا نحتاج إلي الخير و أنه يرغب بشدة في إشباعنا .

الحاجة إلي أمن الله:

يقدم أبونا السماوي ويضمن لنا الأمن الشخص بتأكيد هذا الحساس الشخصي به ويقوي من تعبير ” بابا الأب ” في الكتاب المقدس ( مر14: 36، رو8: 15 ، غلا4: 6) كلمة أبا” كلمة آرامية وهي أول كلمة ينطقها الطفل الصغير و هو ينادي أباه – أفضل ترجمة لكلمة أبا هي ” داد ” ” الله أبونا ” عندما نعرف الله أبا الآب يكون لنا الإحساس الراسخ في الأمن الشخصي والرضي. لا يهم ما نواجهه من معضلات تعترض طريقنا فى صراعات الحياة . أبونا هناك لن يتركنا و لن يتخلي عنا. عب13: 5

الحاجة إلى رضا الله

نحن جميعا نرغب في الحصول علي الرضا. يسعى كل شخص جاهدا في نوال رضى الوالدين. نقص الإحساس به يخلق مشكلات حقيقية. الدافع إلي نواله يكون قويا لدرجة أن يهمل الناس عائلاتهم، صحتهم وما لهم لتحقيقه

لماذا يعتبر المعني قويا لنا؟ لأننا نرغب بعمق أن نكون ” شخصا ما” يترك أثار لا تمحي في التاريخ، أن يوافق علينا الناس، يمنحنا هذا تبني القيمة و الجدارة علي ما نعمله، ما نحققه، ما نتملكه وماذا يقول الناس عنا. و نلاحظ أن المغزى مؤسس علي عوامل خارجية وليس عوامل داخلية.

هل نحصل كمؤمنين علي إحساس برضى الله من خلال الأعمال والإنجازات؟ هل من خلال الممتلكات

من الملاحظ أن هذا يتم من خلال وسائل إلهية و ليس بوسائل بشرية. الله راضي علي المؤمنين بدون أي شروط في المسيح يسوع (كو1: 22) فأبونا مهتم أكثر بمركزنا “من نحن” وليس بما نعمل . يتعلق الرضا الإلهي بكياننا وليس بأعمالنا . يأتي الرضا الحقيقي من علاقتنا مع الأب الذي يؤكد أننا أولاده .خلق الله الإنسان ليكون محبوبا بدون شروط . يوجد في داخل كل منا حاجة وتوقع أن نكون مرضيين بدون شروط، لكننا ولدنا في عالم لا يرضي علي أحد بدون شروط. يرضي العالم بشروط معينة مبنية علي ما يعمله الشخص أو ما يمتلكه. يدرك كل شخص مولود في هذا العالم أنه يوجد تعارض بين الرضا بدون شروط ورفض العالم لمقابلة الاحتياج. ينتج عن هذا التعارض ضغط شديد بالأخص في ضوء الرغبة الشديدة للقبول لدي كل منا. بعد السقوط فسد مفهوم الإنسان عن الله وحلت محله عقلانية فاسدة. لم يعد للإنسان أي قيمة، أي أساس مطلق للقيمة و فسدت طبيعته الخاصة. لأنه لم يعد للإنسان أي قيمة مطلقة كان عليه أن يقوم بعمل تعويض، وتبني نظام تعويض. وضع مستويات ذاتية تسمح له أن ينال بشروط ما حرم منه بدون شروط.

حاول الإنسان أن يكتسب الجدارة والقيمة عن طريق أعماله وليس عن طريق ما يقوله الله عنه. كانت هذه هى خطة الله السابقة الأصلية قبل أن تدخل الخطية في الصورة . لهذا صار الشخص لا يعتبر نفسه جديرا بنوال

أي شيء غير مشروط. نحاول بكل جهد أن نكون أفضل و نعمل أكثر لنكون مرضيين. لكنه لا يمكننا أن نعمل ما هو كاف أو يكون لنا ما هو كاف لإشباع شوقنا أن نكون مرضيين. الأخبار السارة هي أن أبانا الذي خلقنا لنكون مرضيين بلا شروط. الرضا الالهي مؤسس علي من هم الذين خلقهم و مكانتهم في المسيح، وليس علي أساس ما نعمل. انه يحبنا ويرضى علينا كأولاده.

الحاجة إلي قبول الله:

الرضى والقبول متصلان عن قرب . إذا نلنا الرضي نشعر بالقبول ولسوء الحظ لا يشعر كثير من المسيحيين بالرضي أو القبول من الله. نؤمن بأن الله لا يحبنا لكنه يحب المسيح فينا فقط. وبسبب الخطية لا يوجد شيء صالح فينا. الله في قداسته لا يرانا من خلال نظارة وردية . هذه النظارة التي في لون الورد هي من عمل دم الرب يسوع المسيح. الحق هو أن الله ليس فقط يحب المسيح فينا لكنه يحبنا نحن أيضا. يقبلنا بلا شروط لسبب ما عمله المسيح علي الصليب. ولأننا مقبولون من الله يسكن روحه فينا و يجعلنا أبرارا. الله أبونا يقبلنا رغم كل عجزنا وكل خطايانا ضعفاتنا، شخصيا وبدون شروط العلاقة :

العلاقة النامية

يسدد الأب كل احتياجات الأبناء. ويوجد وجه أخر في الأبوة، العلاقة هامة جدا لكل من الأب والابن و تشمل العلاقة ثلاث عوامل هى : علاقة ملائمة ، علاقة نامية و علاقة وثيقة .العلاقة الحقيقية بين الأب والابن هي علاقة مستمرة. نري ذلك في مثل الابن الضال (لو15: 11-32) لم يؤثر في العلاقة شيء، اتجاهات أو أعمال الابن . يعلمنا المثل أنه لا يوجد شيء يؤثر في علاقة الأب معنا . هذا مهم بسبب حاجة الابن إلي الوالد حتى لو تغير الابن. كوالدين علينا أن نتجاوب مع نكوص أولادنا أو عدم كفاية سلوكهم. ولا نتغير في محبتنا لكننا لسوء الحظ نقصر في ذلك بينما يستمر أبونا السماوي. علينا أن نتذكر أنه لا يوجد شيء يؤثر علي علاقتنا مع الله . الخطية يمكنها أن تؤثر في علاقتنا نحو الله . ومع أن محبة آبائنا الأرضيين تتغير في بعض الأحيان، فإن محبة أبينا السماوي مستمرة. إن كنا نحن غير أمناء فأنه يبقي أمينا(2تي 2: 13) إن كان يستحيل التعامل معنا فإنه يظل عطوفا . إن كنا نغضب منه يبقي صبورا . نحن في حاجة إلي أمن الأب وإلي محبته وعطفه وقبوله الدائم. قبول ليس عرضة للتغير العاطفى وإن حدث هذا مع آبائنا الأرضيين. ليست علاقتنا مع أبينا السماوي مستمرة فقط ولكنها نامية أيضا. تختلف علاقتنا مع أولادنا عندما يدخلون مرحلة الشباب أو الرجولة. ومع أن استمرار علاقتنا مع أبينا السماوي تعتمد بالكامل عليه هو فإن نمو هذه العلاقة يعتمد إلي حد كبير علينا. التمتع بعلاقة وثيقة مع الله واضح في مواقف تلاميذ المسيح:

كان كل تلميذ للمسيح وثيق الصلة به بقدر الإمكان لأن ابن الله الذى ليس عنده تفضيل أحد عن الآخر ، علينا نحن أيضا أن تكون لنا هذه العلاقة الوثيقة الحقيقية معه. تزداد هذه العلاقة وثوقا من نموها مع الله . ليست هذه العلاقة الوثيقة مع الله اختيارية بل هي ضرورية لصالحنا. كلما عرفنا حقيقة أبينا السماوي ومن هو كلما تعمقت محبتنا له، وتحولنا إلي شبهه. هذه هي الدائرة الإيجابية فى تحولنا إلي شبه المسيح. إن كان الله أبونا هو الذي بادر بالعلاقة معنا وهو يغذيها، فعلينا أن نتجاوب معه.

المعرفة الالهية :

ليست الحقيقة هي أنني أعرف الله لكن الحقيقة الأكبر تكمن في أنه هو يعرفني. أنا أعرفه لأنه هو عرفني أولا. لقد نقشت علي كفيه و لن ينساني علي الإطلاق وهو مستمر في أن يعرفني. دور الله في العلاقة هو” النعمة ” و دورنا هو” الإيمان ” وأطلق الكتاب المقدس علي النعمة ” الكفاية الإلهية “وعلى الإيمان” التجاوب البشري لكفاية الله”. ونحن ننمو في إدراكنا لكفايته، ننمو في اختباراتنا لمحبته ورعايته

الصورة الحيًة

الأب هو الذي ينجب، يربي, يغذي، يسدد احتياجات و يشجع نمو العلاقة الوثيقة. الأب هو الشخص الذي يحب أولاده محبة فائقة وبكل رفق يلاحظهم. يعتني بهم و يغذيهم و يتحدث معهم يصغي إليهم – ينشغل بهم بصورة حيًة. هذا هو أبونا السماوي .كيف ننمو نحن في العلاقة مع الأب – الذي هو روح ( يو 4: 24) ؟ لا يمكننا نحن الجسد والدم أن نتعرف علي الله الروح .لقد أعلن الأب عن نفسه في جسد و دم شخص ابنه يسوع المسيح. قال الرب يسوع ” الذي رآني فقد رأي الأب ” . يمكننا أن نرى الله الأب من خلال الرب يســـــــوع الذي يعلنه لنا.

نري حياة الرب يسوع في الأناجيل وندرك محبة الله أبينا –فى قبوله للخطاة ، المرضي، مكسوري القلوب . يمكننا أن نعرف محبته المضحية ونحن نري الرب يسوع يتحمل الموت علي الصليب. أعلن لنا وهو فوق الصليب عن قلب الله المحب ” يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ما يفعلون ” لو23: 24

لا يوجد شيء أكثر كفاية من اختبار معرفة الله كالأب . ومن دراسة حياة المسيح، يمكننا أن نري الأب يعمل علي الأرض . في المسيح. نستطيع أن نري كل صفات أبينا الكامل . في محبة الرب يسوع نري محبة الله الأب . في رعايته نري الأب الراعي . وفي قبول المسيح لنا ، نري قبول الأب . وفي عطف المسيح نري أبا عطوفا و في لطف المسيح نري أبا لطيفا لنا ، نري قبول الأب لنا . وفي صبر المسيح نري أبا صبورا . في المسيح وحده تكمل معرفتنا لله الأب

Comments are closed.