النعمة الغافرة

نعمة الخالدين




 أودع جان فالجان السجن أثناء الثورة الفرنسية لجريمة سرقة رغيف خبز يقدمه لأسرته التي تموت من الجوع.

 قضى 19 عام من من الشغل الشاق وأفرج عنه وهو ملئ بالمرارة

 كان الأسقف مريل يقطن جنوب شرق فرنسا وقد عاني الكثير أثناء الثورة.

لما بلغ الرابعة والسبعين، كان. كل ما تبقي من ثروته هو ستة سكاكين وبعض الشوك ومغرفة للشوربة وشمعدانين. عَلّمه اختباره العطف علي الفقراء وخدمتهم بكل تواضع.

مضت أربعة أيام من تحرير جان فالجان كان فيها محروما من الطعام والمسكن. ازداد بؤسه وتهالك من الجوع والفقر. وصل إلي منزل الأسقف ظانا أنه فندقا واندفع مسرعا إلي المطبخ . لدهشته قابله الأسقف بالترحيب الحار. في تلك الليلة وأفراد البيت نيام، ترك فالجان الفراش التي حرم منها فترة سجنه ، أخد حقيبة من الخيش ملأها بأنية المائدة الفضيّة واختبأ في الظلام.

قبضت الشرطة علي الطريد فالجان الذي أعلن لها أن الأواني الفضيّة قد منحت له من الأسقف. أحضرته الشرطة إلي الأسقف طلب الأسقف من الشرطة أن يطلقوا سراح فالجان وهو يقول

 “إنني سعيد أن أراك مرة أخري وأن أعطيك الشمعدانين أيضا لأنهما ضمن أدوات المائدة” قد تحصل علي مبلغ منهما أيضا. لماذا لم تأخذهما معك مع الملاعق والشوك؟ “

  سأل فالجان الأسقف ” هل حقيقة أن الشرطة ستطلق سراحي؟”

أكد له الأسقف أنه حرّ تماما وأضاف:

 “يا عزيزي قبل أن تغادر هذا المكان خذ هذين الشمعدانين معك” ” ولا تنس أنك وعدت أن تستخدم هذه الأواني لعمل شريف. أخي جان فالجان لم تعد تنتسب إلي الشر بل إلي الخير. لقد اشتريت نفسك الثمينة وإنني أحررها من الشر وأقدمها إلي الله.”

اضطرب فالجان من روح النعمة المتفاضل المقدّمة له ورأي التناقض العظيم بين ظلام نفسه البائسة وبين نور الحب الساطع الذي تخلل كل كيانه. أراح النور الجميل حياته ونفسه وتخيّل أنه قد قطع رأس الشيطان بنور الفردوس. صار من المؤكد أنه لم يعد نفس الرجل بل تغيّر كل شيء فيه. لقد ملأ الأسقف هذه النفس المحّطمة بنور النعمة الساطع.

 بعد حادثة السرقة هذه بنحو أربع وعشرين ساعة، عاد فالجان إلي مكان الجريمة السابق وشوهد راكعا علي الرصيف أمام باب الأسقف وهو يصلي .لحظة نعمة غيرت الحياة كلها، لحظة نعمة يمكنها أن تغير الأبدية فتفيض في فكرك وتطفر علي لسانك.

  كتاب البؤساء لفيكتور هوجو

 

Comments are closed.